مقدمة حول التصنيع الزراعي :
يتضح من استقراء تاريخ التنمية الاقتصادية العالمية ونماذج النمو الاقتصادي في العالم مدى تأثير حجم الإنتاج على عملية النمو لأنه من خلال الحجم يمكن تحقيق التخصيص الأمثل للموارد الطبيعية والمالية والبشرية المتاحة وبالتالي تحقيق الإنتاجية العالية الاقتصادية التي هي من العناصر الأساسية للنمو. وعلى أية حال ، كان لظهور بوادر حركة التصنيع الواسعة في أواخر الخمسينيات والستينيات في معظم البلاد العربية أثر كبير في إيجاد الحاجة للتنسيق والتعاون الصناعي بين الدول العربية، وهناك إمكانية كبيرة لقيام التكامل الاقتصادي الصناعي بين الدول العربية بسبب توفر الخامات الأولية من المنتجات الزراعية الذي يتيح قيام تخطيط صناعي للمستقبل البعيد .
إن أقطار الوطن العربي لا تستطيع بشكل منفرد أن تحدث تكاملاً صناعياً زراعياً متطوراً ولكن التعاون والتنسيق والتخصص يحقق قيام وضع اقتصادي يخدم النمو الشامل للاقتصاد العربي ، فسوريا مثلاً تمتاز بوجود الأراضي الصالحة للإنتاج الزراعي الضخم والمحاصيل التي تدخل في الصناعة إضافة إلى الصناعات المهمة كالنسيج الذي يتميز بأفضلية نسبية عن باقي البلاد العربية . كما أن لبنان يمتاز بزراعة الفواكه والبستنة ويفتقر إلى الحبوب والمحاصيل الأخرى ، كما نرى السعودية تشكو من قلة الإنتاج الزراعي مما يكلفها استيراد المواد الغذائية على نطاق واسع ، وكذلك حال الكويت وأغلب أقطار الخليج العربي ، أما اليمن وعمان فتشكوان من التخلف الاقتصادي في جميع القطاعات ، ومن الممكن استصلاح الأراضي فيهما وزيادة كمية الإنتاج الزراعي ، والعراق يمتاز بأراضيه الزراعية الكبيرة والمياه المتوفرة بحيث يمكن أن يكون العراق مصدراً كبيراً للمواد الغذائية للوطن العربي في حال استعمال الطرق الحديثة في الزراعة ، أما مصر فقد قطعت شوطاً في ميدان التصنيع وخصوصاً في مجال صناعة الآلات والنسيج ولكنها تعاني من الضغط السكاني وقلة الرقعة الصالحة للزراعة ونقص رؤوس الأموال ، والسودان يضم مساحات هائلة من الأراضي الصالحة للزراعة غير مستغلة لنقص الأيدي العاملة ورؤوس الأموال والآلات الإنتاجية اللازمة ، بعكس ليبيا التي تمتلك رؤوس أموال ضخمة ولكنها تفتقر إلى الأراضي الزراعية ، والصومال يشكو من التخلف وقلة التصنيع والمكننة وإتباع الأساليب الحديثة في الإنتاج لعدم توفر رؤوس الأموال والخبرة ، وهي تملك ثروة حيوانية ومراعي ضخمة ولديها أفضلية نسبية كبيرة في زراعة بعض المحاصيل كالموز والذرة والمواد المستخدمة لإنتاج السكر والزيوت النباتية .
وإذا ما استعرضنا بعض الأسباب التي تؤثر بشكل رئيسي على تباطؤ النمو الزراعي نجد أن من أهمها :
1 – قلة استعمال الآلات الزراعية وفشل سياسات الدعم .
2 – ضعف الإعداد المهني .
3 – ضعف التنظيمات في التكيف مع الظروف المحلية وعدم تلاؤمها معها .
4 – قلة الموارد الطبيعية وشح الأمطار وهيمنة الجفاف على بعض المناطق وعدم توفر الكميات من المياه مما يحد من نسبة المساحات المروية ويؤثر بالتالي على نسب الأراضي المزروعة والتي تتوزع على النحو التالي :
الدولة %
المغرب 5.7
الجزائر 4.5
تونس 2.8
ليبيا 5.3
مصر 0.99
السعودية 23.6
سورية 9.4
الأردن 4.4
العراق 21.7
نلاحظ من هذه النسب الضعيفة للأراضي المزروعة الجهود الجدية التي يجب أن تقوم بها أقطار هذه الدول لزيادة المساحات المنتجة من الأراضي لدى كل دولة منها . فالوطن العربي يعتمد على الخارج للحصول على نصف احتياجاته من الغذاء وهو وضع لا يمكن قبول استمراره في ظل التغيرات السريعة والمستمرة في سوق الحبوب الدولية وفي ظل ما عرف بأزمة الغذاء العالمي ، خاصة وأن عدداً محدوداً من الدول يسيطر على معظم الصادرات الغذائية العالمية ، وما فتئت تستخدم الغذاء كسلاح سياسي يضمن تحقيق مصالحها ومنافعها ، وإن خطورة هذه المشكلة تتضح بجلاء إذا ما عرفنا أن استيرادات الوطن العربي 22 مليون طن من الحبوب في عام 1985 وسترتفع إلى 34 مليون طن في عام 2000 . كما أن تحقيق الأمن الغذائي أو الحد من الاستغلال الغذائي يعني تطوير الزراعة عن طريق استخدام الموارد الأرضية غير المستخدمة ( 83 مليون هكتار صالحة للزراعة ) وإعادة النظر في التركيب المحصولي ورفع مستويات الإنتاجية بزيادة درجة التكثيف الزراعي والتوسع في استخدام الآلات الملائمة للزراعة العربية وزيادة معدلات التسميد واستخدام المبيدات والكيماويات التي يتعين إنتاجها على النطاق العربي ضماناً لأمن استخدامها ، وهذا يؤدي بالطبع لقيام علاقة متشابكة بين الزراعة والصناعة ، أي أن تكون طبيعة الهيكل الصناعي على نحو يمكّن من خدمة الزراعة .
إن تحقيق الأمن الغذائي يعني تطوير دور الوطن العربي في التقسيم الدولي للعمل بحيث لا يصبح الحصول على الغذاء من الخارج قيداً على حريته في الحركة وهذا يتطلب بالضرورة إتباع نوع من التخصص و تقسيم العمل بين الدول العربية، بحيث تتم زراعة المحاصيل المختلفة في أنسب المناطق لزراعتها وذلك في إطار نوع من التكامل العربي. وإذا ما ألقينا الضوء إلى الإنتاج الغذائي في بعض الأقطار العربية نجد أنه يتأرجح نحو زيادة ضئيلة نسبياً .
إن التنسيق الاقتصادي العربي يتم على صعيدين اثنين :
1 – على الصعيد الجماعي ضمن إطار مجلس الوحدة الاقتصادية العربية
2 – على الصعيد الثنائي من خلال الاتفاقيات والمعاهدات الثنائية التي تجري بين بعض الأقطار العربية.
فعلى الصعيد الجماعي كان أول تحرك جدي نحو دراسة الوضع الصناعي في البلدان العربية وسبل التنسيق بينها ، المؤتمر الأول للتنمية الصناعية العربية الذي عقد في الكويت في آذار عام 1966 . وقد اتخذ هذا المؤتمر عدة توصيات عامة تناولت مشاكل التصنيع كما أوصى بضرورة الإسراع في إقامة المؤسسات التالية :
1 – المنظمة العربية للمواصفات .
2 – مركز التنمية الصناعية للدول العربية .
3 – المؤسسة العربية لضمان الاستثمار.
وقد قامت الهيئات الخاصة بالمواصفات والمقاييس في كل بلد عربي بنشر كثير من الوثائق عن التعاريف وأصناف السلع ونوعيتها ممهدة بذلك لتبني تعاريف وتصانيف موحدة على نطاق الوطن العربي .
أما مركز التنمية الصناعية للدول العربية فقد أنشأ بعد فترة من اتخاذ القرار المشار إليه سابقاً ، وعقد مجلس إدارته دورته الأولى في أيار/ 1969 / حيث تقرر فيها إجراء الدراسات الميدانية الهادفة إلى تنسيق البرامج الإنتاجية لبعض الصناعات القائمة بالدول العربية وحدد مجلس الإدارة مجموعات الصناعات التي يقوم على أساسها تنظيم هذا البرنامج، ومن هذه الصناعات موضوع البحث ما يلي :
1- الصناعات النسيجية .
2-صناعة الأسمدة .
3- صناعة المكائن الزراعية والجرارات .
4- صناعة السكر .
وبعض الصناعات الأخرى التي أتيح لبعضها أن يرى النور في الدورة الثانية لانعقاد المؤتمر الخاص بالمركز .
ولقد خطت الدول العربية بعض الخطوات في مجال التكامل الاقتصادي والصناعي ، ففي مجال التكامل الاقتصادي ، قامت السوق العربية المشتركة . وفي مجال التكامل الصناعي والزراعي تم إنشاء عدد من الشركات العربية المشتركة ( الشركة العربية لتنمية الثروة الحيوانية – الشركة العربية للاستثمارات الصناعية ) .
ومن ملامح هذا التعاون على الصعيد العربي أيضاً ما تم إنشاؤه من المنظمات العربية مثل المنظمة العربية للتنمية الزراعية ، ومركز التنمية الصناعية للدول العربية . وفي مجال التعاون العربي أيضاً ، وتم إنشاء اتحادات نوعية في عدد من الصناعات ، بحيث تلعب هذه الاتحادات دوراً في معاونة الشركات والمؤسسات العربية القائمة .
أما في ميدان التكامل الصناعي على الصعيد الثنائي فقد قامت بعض الأقطار العربية بجهود في سبيل تحقيق نوع من التكامل الاقتصادي الثنائي الذي يربطها بقطر عربي آخر. وهذه الجهود الثنائية وإن كانت مرغوبة ومحمودة من حيث كونها خطوة هامة في سبيل إدراك التكامل العربي الشامل إلا أنها لا زالت محدودة ومبعثرة. وكذلك فإن سبل التنسيق والتكامل الصناعي على الصعيدين الجماعي والثنائي ما زالت ضعيفة وقاصرة عن إدراك الهدف الكبير وهو تحقيق التكامل الاقتصادي الشامل بين الأقطار العربية .
وسوف نلقي نظرة سريعة على بعض الصناعات الزراعية في قطرنا العربي السوري .
1- زراعة وتصنيع الحبوب
يعتبر القمح من أهم محاصيل الحبوب في العالم ويأتي على رأس الدول المنتجة له ( الولايات المتحدة الأمريكية _ الصين – كندا – استراليا – والأرجنتين ) .
ويحتل القمح المرتبة الأولى في الجمهورية العربية السورية من حيث المساحة بين المحاصيل الأخرى إذ يشكل 50 % من مجموع المساحات التي تزرع بالحبوب في القطر وتقدر مساحة الأراضي البعلية المزروعة بالقمح حوالي /150 / ألف هكتار سنوياً ، والقطر العربي السوري من الدول المصدرة للقمح وبصورة خاصة القمح القاسي الذي يستعمل في صناعة المعكرونة .
وتأتي محافظة الحسكة على رأس المحافظات السورية المنتجة للقمح ، وتتركز زراعة القمح السقي بصورة رئيسية في محافظات ( دير الزور – الحسكة – حلب – دمشق – سهل الغاب وسهل العشارنة في حماه – وأجزاء أخرى متفرقة ) .
ومردود الهكتار من القمح منخفض إذا قورن بالغلة في بلاد العالم المتقدمة زراعياً حيث تتراوح غلة الهكتار في سورية بين 620 – 970 كغ ، بينما نجده في هولندا بين ( 3600 – 4700 ) كغ ، وفي بلجيكا بين ( 3200 – 4050) كغ ، وفي أمريكا بين ( 1120 – 1790 ) كغ وفي جمهورية مصر العربية بين ( 1840 – 2770 ) كغ .
ونظراً لهذه الأهمية الغذائية للحبوب فقد عمد القطر العربي السوري إلى :
إحداث المؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب عام / 1951 / المتمتعة بالطابع الاقتصادي المستقل مالياً وإدارياً . ومهمتها الأساسية شراء الحبوب داخلياً وخارجياً لتأمين احتياجات القطر ، والمحافظة على توازن السعر بين السوق الداخلية والخارجية . وبدأ الاهتمام بزراعة القمح المكسيكي لما له من أهمية في زيادة الإنتاج حيث حصلت أكثر الدول والبلدان على الاكتفاء الذاتي نتيجة زراعتها لهذا الصنف .
وإحداث الشركة العامة للمطاحن والتي غايتها استثمار المطاحن وتوزيع الدقيق ، بالإضافة إلى إقامة مصنع لتنظيف وجرش العدس بغية طرح هذه المادة للاستهلاك وتصديرها بعد تصنيعها بعد أن كانت تطرح بشكلها الخام .
وإحداث الشركة العامة للمخابز , حيث وضعت وزارة التموين والتجارة الداخلية خطة لتغطية القطر بالمخابز الحديثة وعلى مراحل بغية تقديم الرغيف الجيد .
ولا تقتصر أهمية القمح كدقيق لصنع الخبز ، وإنما له عدة استعمالات في صناعات : البرغل والنشاء والحلويات والمعكرونة والشعيرية …الخ .
ومثال ذلك شركة اليرموك للمعكرونة ( درعا ) التي بدأ الإنجاز الفعلي فيها / 1987 / والتي تنتج المعكرونة سباكيتي – وشعيرية اعتماداً على الدقيق المحلي بطاقة تصنيعية قدرها / 8000 / طن / عام
ولكن إنتاج القطر العربي السوري من القمح الطري لا يكفي استهلاكه المحلي لذلك يعمد إلى استيراد الكميات اللازمة لسد حاجاته من القمح الطري سنوياً ، علما أنه يصدر بعض القمح القاسي من إنتاجه وذلك بسبب أن الأنواع التي تزرع هي من الأقماح القاسية ذات الصفة الصناعية والتجارية الجيدة والتي توفر القطع الأجنبي للقطر ، فهذه الزراعة تشكل ثروة قومية هامة لا يستهان بها إضافة للحاجة الماسة لها في الاستهلاك المحلي .
2- إنتاج وتصنيع القطن :
إن الأهمية الاقتصادية للقطن ومنتجاته والاستخدامات الصناعية الكثيرة التي يدخل في أساسها حققت له مكانة مرموقة محلياً وعالمياً .
وتتوزع زراعة القطن في سوريا على عشر محافظات هي : ( الرقة – دير الزور – الحسكة – حلب – حماه – حمص – دمشق – درعا ) ، ويبلغ إنتاج القطن المحبوب بحدود 400 ألف طن سنوياً .
أما من الناحية الصناعية فتبرز أهمية القطن كمادة رئيسية تلعب دوراً كبيراً في الصناعة ، فتعتبر صناعة استخراج وتكرير زيت بذور القطن التي يعتمد عليها القطر العربي السوري في الدرجة الأولى بالنسبة للزيت النباتي من الصناعات المساعدة والمهمة لما لهذا الزيت من قيمة غذائية بالإضافة إلى إنتاج مواد مختلفة كاللنت والكسبة التي تفيد في صناعات كثيرة ، وقد أقيمت في القطر عدة مؤسسات للغزل والنسيج تركز معظمها في دمشق وحلب وحمص وحماه ومنها :
الشركة العامة للمغازل والمناسج الصناعية بدمشق ويتبع لها مصنعين :
1 – مصنع الغوطة الذي دمج مع مصنع القابون .
2 – مصنع حرستا .
والمادة الرئيسية الداخلة في الإنتاج هي القطن المحلوج المحلي بالإضافة إلى مواد أخرى إضافية
وهناك الشركة التجارية الصناعية المتحدة ( دمشق ) . حيث يتبع لها مصنع السجاد .
والمنتجات الرئيسية فيها : غزول القطن والصوف – الحرير والأقمشة القطنية والخامية المقصورة والمصبوغة والمطبوعة ، وتعتمد بشكل رئيسي على القطن المحلوج المحلي كمادة أساسية .
وهناك شركة حماه العامة للخيوط القطنية (حماه) . المنتجات الرئيسية لها : الغزول القطنية .
وهناك شركة حمص العامة للغزل والنسيج والصباغة ( حمص ) . منتجاتها الرئيسية : غزل – نسيج – صباغة – طباعة .
وهناك الشركة العامة الأهلية للغزل والنسيج ( حلب ) .
المنتجات الرئيسية : الخيوط القطنية والصوفية الممزوجة – الأقمشة القطنية والصوفية .
وهناك الشركة العامة السورية للغزل والنسيج ( حلب ) .
منتجاتها الرئيسية : أقمشة – وغزول قطنية – طباعة .
بعد هذه الدراسة الموجزة من حيث تطور القطن وأهميته النباتية والغذائية والصناعية والتجارية لا بد لنا من أن نقول أن القطن السوري مورد الدخل الأكثر لغالبية السكان وعماد الثروة والمنبع الرئيسي تستقي منه البلاد النقد الأجنبي .
3 – صناعة السكر
بدأت في القطر العربي السوري منذ بداية النصف الثاني للقرن العشرين بعد انقضاء الحرب العالمية الثانية ، وما رافقها من فقدان مادة السكر أحياناً , والحصول على سكر أحمر غير نقي ببطاقات التموين أحياناً أخرى . حيث بدء بإقامة مصنع في مدينة حمص بطاقة تصنيعية قدرها / 800 / طن شمندر / يوم . ثم رفعت بعملية توسيع التجهيزات للمصنع إلى / 1200 / طن في اليوم . وفي عام 1958 أقيم مصنع آخر للسكر بمنطقة عدرا قرب مدينة دمشق بطاقة قدرها / 600 / طن / يوم .
ولما استصلحت منطقة الغاب أقيم مصنع ثالث قرب مدينة جسر الشغور بطاقة اسمية قدرها / 2000 / طن في اليوم . إلا أن كميات الشمندر المنتجة في القطر لا تزال دون حاجة هذه المصانع ، وطبيعة الشمندر الموسمية والتي تتراوح بين / 90 – 120 / يوم تستدعي الاستفادة من التجهيزات فيما تبقى من العام بتكرير السكر الخام المستورد من الخارج .
تمتاز صناعة السكر من الشمندر بأنها تؤمن للقطر مادة السكر الأساسية للمواطنين , ولقد ارتفعت أسعار السكر العالمية في بعض الفترات بشكل واسع الأمر الذي دعا إلى إقامة مصانع جديدة للسكر والتوسع في زراعة الشمندر السكري . وعلى هذا الأساس فقد أقامت سورية دفعة واحدة / 4 / مصانع للسكر طاقة الواحد منها / 4000 / طن شمندر / يوم .
أقيم ثلاثة منها على شريط نهر الفرات في الأماكن التالية : ( دير الزور – الرقة – مسكنة ) , وأقيم الرابع في تل سلحب في منطقة سهل الغاب . ولا تقتصر أهمية الصناعة على المادة الرئيسية السكر، وإنما المنتجات الثانوية هامة أيضاً مثل أوراق الشمندر حيث تستعمل كعلف للحيوانات ، أما التفل الناتج عن بقايا الشوندر بعد استخراج السكر منه فيجري تجفيفه بحيث يصبح مادة قابلة للحفظ والاستعمال كعلف جيد للحيوانات ، ومادة الميلاس المتبقية بعد عمليات استخلاص وتكرير السكر يمكن استعمالها كعلف للحيوانات ، أو كمادة أولية لإنتاج عدد من المواد الهامة ( الخميرة – الكحول – حمض الليمون – الأسيتون – حمض الخلّ ) . وإذا أوجزنا الصعوبات التي يعاني منها القطر العربي السوري في مجال صناعة السكر نجد :
آ – انخفاض إنتاجية الأرض :
فإنتاجية الهكتار في سوريا تقع بحدود / 26 – 27 / طناً من الشوندر ، بينما يتجاوز / 43 / طناً في فرنسا ، و / 37 / طناً في تركيا وهكذا فالمردود الزراعي المنخفض من شأنه أن يزيد تكلفة إنتاج السكر وبالتالي يقلل رغبة المواطن في الاتجاه نحو هذه الزراعة ويحرم القطر من ريعية ذات أهمية
ب – عدم توافر اليد العاملة الفنية في المصانع القائمة :
وهذا الموضوع له أهمية وقد ظهرت هذه المشكلة بشكل أخطر في المصانع الجديدة ، نظراً لما فيها من تكنولوجيا متقدمة ولوجودها في مناطق غير متطورة صناعياً تنقصها الخبرة الصناعية .
وبالتالي يجب العمل على :
1 – اختيار أصناف بذور الشوندر المناسبة للمناطق المختلفة عن طريق إجراء تجارب لمختلف أنواع البذور في مختلف المناطق التي تزرع الشوندر .
2 – مساعدة المزارعين عن طريق الجمعيات التعاونية سواء في مجال الفلاحة أو في تقديم الأسمدة والمعدات في أوقاتها .
3 – زيادة وعي المزارعين لإتباع الطرق الصحيحة في الزراعة والإسراع بطلب المساعدة من الجهاز الزراعي المشرف .
4 – توريد الشوندر بمقادير منسجمة مع الخطة التصنيعية للمصانع إذ أن تصنيع الشوندر الطازج يساعد على زيادة مردود السكر المستخرج وبالتالي يزيد طاقة التصنيع اليومية .
5 – زيادة البحث العلمي سواءً فيما يتعلق بتكنولوجيا التصنيع أو بزراعة الشوندر ومكافحة الآفات والحشرات .
6 – اختيار التربة الجيدة وتوفر الشروط المناسبة والعمل على تشجيع زراعة الشوندر فيها .
7 – التوسع في زراعة الشوندر لأن السكر الناتج من الشمندر حالياً لا يغطي أكثر من 20 % من حاجة القطر .
4 – صناعة الزيوت النباتية :
تعتمد بالشكل الرئيسي في القطر العربي السوري على بذور القطن وبشكل ثانوي على بذور دوار الشمس وبذور فول الصويا . ويوجد في سورية عدة شركات في كل من دمشق وحمص وحماة واللاذقية وحلب ، موزعة على الشكل التالي :
1 – شركة صناعة الزيوت والصابون العربية – دمشق – حيث كان يوجد مصنع واحد بطاقة قدرها 80 طن / يوم من بذور القطن والذي توقف منذ سنوات .
2 – الشركة السورية للزيوت النباتية – حلب – وتضم ثلاثة مصانع :
آ – النيرب وطاقته 255 طن / يوم من بذور القطن .
ب – عين التل وطاقته 145 طن / يوم من بذور القطن .
ج – الليرمون وطاقته 130 طن / يوم من بذور القطن .
3 – شركة زيوت حماة : يوجد فيها مصنع واحد بطاقة قدرها 65 طن / يوم من بذور القطن .
4 – شركة زيوت اللاذقية : مصنع واحد طاقته 50 طن / يوم من بذور القطن والذي توقف منذ سنوات .
5 – شركة السكر والمنتجات الزراعية ( حمص ) : مصنع واحد طاقته 90 طن / يوم من بذور القطن .
وهكذا فالطاقات المتاحة في المصانع القائمة حالياً 240000 طن سنوياً من البذور . بينما تتراوح كمية البذور المتوفرة بين 190 – 210 ألف طن سنوياً . وهي أقل من الطاقات المتاحة بشكل واضح .
وتصنيع البذور النباتية ينتج عنه الزيت الذي تجري عليه عمليات صناعية أخرى من تكرير وهدرجة…إلخ .
بالإضافة إلى الزيت هناك منتجات ثانوية مثل : اللنت – الكسبة – القشر . وهذه المنتجات ذات أهمية كذلك ، حيث تستعمل الكسبة كمادة علفية . أما اللنت فيستعمل قسم منه داخل القطر غي صناعة المفروشات بينما يصدر معظمه إلى الخارج . والقشر يستعمل كمادة علفية .
ويجري تعبئة الزيت المكرر في صفائح من التنك أو زجاجات بلاستيكية ، ونظراً لارتفاع أسعار زيت الزيتون فقد أصبح الإقبال عليه واضحاً .
وينتج عن عملية تكرير الزيت مادة صابونية تدعى : سوب ستوك يمكن الاستفادة منها في تصنيع صابون رخيص القيمة ، كما يمكن مزجها مع الأحماض الدسمة المستوردة لتحسين النوعية ، وتتم هذه العملية في دمشق وحلب وحمص بواسطة خطوط للإنتاج من النوع الآلي . أما في حماة فيجري تحضيرها بتجهيزات غير متطورة .
ونظرة إلى الكميات المصنعة خلال الفترة ( 1980 – 1987 ) تتضح الأهمية الكبرى لهذه الصناعة المرتبطة بإنتاج القطن والمواسم الجيدة ، وبالتالي تبدو الحاجة ماسة إلى استكمال طاقات المصانع القائمة بزيادة البذور الجيدة المنتجة والتي تتمتع بمواصفات مناسبة من الرطوبة المنخفضة عن طريق تجفيف البذور في المحالج فور حلجها . ليمكن تخزينها داخل مستودعات المصانع دون حدوث تحولات أنزيمية تخمرية ضارة . كما أن إنقاص نسبة اللنت عن طريق حلج البذور جيداً يؤدي لزيادة المردود .
وتجدر الإشارة بعد أن اتضحت بشكل جلي فائدة استعمال طريقة الاستخلاص بواسطة المذيبات لمعالجة الكسبة الناتجة في مصانع الزيوت. حيث طبقت هذه الطريقة في معظم دول العالم . إن إدخال هذه الطريقة في شركة زيوت حلب يؤدي إلى الحصول على / 4000 – 4500 / طن من الزيت المتبقي حالياً في الكسبة ، فضلاً عن كونها الطريقة الأساسية لتصنيع بذور الصويا التي أدخلت زراعتها في الدورة الزراعية والتي هي موضع اهتمام المسئولين على كافة المستويات باعتبارها البديل لبذور القطن في تغطية احتياجات القطر من الزيوت النباتية ، وتأمين كسبة بدلاً عن كسبة الصويا المستوردة .
أما صناعة زيت الزيتون فهي صناعة متروكة للقطاع الخاص والجمعيات التعاونية ، وهناك اكتفاء شبه ذاتي في القطر من هذه المادة ، إلا أن غلاء سعرها يجعل المواطنين يستبدلونها بزيت القطن أو زيت الصويا أو زيت دوار الشمس .
5 – صناعة الكونسروة :
بدأت منذ زمن بعيد في القطر العربي السوري ، وكان أول مصنع في دمشق ، ومع التطور في مجال هذه الصناعة فقد أقيمت عدة شركات في القطر منها :
آ – الشركة الحديثة للكونسروة والصناعات الزراعية – دمشق ، ويتبع لها :
1 – مصنع الغوطة حيث يحوي على خط بندورة – خط بازيلاء – خط مشمش – خط كونسروة متنوعة .
2 – مصنع مزيريب ويحوي خط بندورة وخط بازيلاء .
3 – مصنع القابون ويحوي خط مشمش – تجهيزات للكونسروة المتنوعة .
ب – شركة الساحل السوري للكونسروة والصناعات الزراعية ( جبلة ) وتنتج أصناف الكونسروة المختلفة ( بندورة – بازيلاء – مشمش – خضار ) .
وبالإضافة للمصانع المذكورة أعلاه هناك عدد من المصانع حديثة الإنشاء وهي :
1 – مصنع الكونسروة في إدلب بطاقة سنوية قدرها ( 1500 ) طن رب بندورة و ( 1700 ) طن زيتون و ( 1300 ) طن بازيلاء –مشمش – خضار مختلفة .
2 – مصنع الكونسروة في دير الزور – الميادين بطاقة سنوية قدرها (3000 ) طناً من مختلف الأصناف .
3-مصنع الكونسروة في الحسكة بطاقة سنوية قدرها ( 3000 ) طناً من مختلف الأصناف .
ورغم هذا الاستمرار والتقدم في ماهية هذه المنتجات إلا أننا لا نزال نفتقد إلى كثير من الأسباب المساعدة لتقدم هذه الصناعة منها :
1 – تعاني الصناعة نقصاً في الكوادر الفنية والإدارية وعدم ثبات العاملين فيها لأن معظمهم بعقود سنوية .
2 – نقص المواد الأولية وصعوبة تأمينها أثناء الموسم فيجب الاهتمام بزيادة الإنتاج والاستفادة من منتجات مزارع الدولة لتوريدها إلى المصانع مباشرة .
3 – يجب اعتماد الأصناف الزراعية المناسبة للتصنيع والتي تتمتع بمنتوج جيد من حيث الكمية والنوعية .
4 – بعض الآلات من النوع اليدوي القديم مما يجعل إنتاجيتها ضعيفة ويزيد من احتمال تدني نوعية الإنتاج ، لذا يجب استبدال هذه الآلات بنماذج أفضل .
5 – وحفظ المنتجات يتطلب تعقيمها بشكل جيد إذ أن إهمالها يؤدي إلى تدني جودة المنتوج النهائي ، لذا يجب اتخاذ التدابير اللازمة في هذا الصدد وإجراء الرقابة الميكرو بيولوجية للمنتجات .
6 – تحسين ومكننة عملية تعبئة وترتيب البضائع الجاهزة وتخزينها وشحنها .
7 – الاهتمام بنوعية المنتجات ونظافتها ومراعاة الجودة في مختلف مراحل الإنتاج .
6 – صناعة الألبان :
لقيت صناعة الألبان في قطرنا تقدماً وإن كان بطيء الخطوات إلا أن منجاتنا في هذا المجال بدأت تسد ثغرة الفراغ الغذائي فهناك عدة مصانع قائمة هي :
1 – الشركة العربية السورية للألبان ومشتقاتها وتنتج الحليب المعقم واللبن الرائب والجبن بطاقة /12/ طن/ وردية .
2 – شركة ألبان حمص وتشمل خط آلي لتعقيم الحليب وصناعة اللبن والجبن بطاقة /12/ طن/ وردية .
3 – مصنع ألبان حلب وهو تابع لشركة الشرق للمنتجات الغذائية حيث يشمل على خط آلي لتعقيم الحليب بطاقة /12/ طن/ وردية .
كما يصنع اللبن الرائب والجبن بواسطة تجهيزات مخصصة لذلك . ولكن نظرة إلى تطورات الإنتاج خلال الأعوام العشرة الأخيرة تبين ما تعانيه هذه الصناعة من نفاذ المواد الأولية وأهمها كميات الحليب الطازج المتاحة لها أقل من حاجة المصنع مما يستدعي استيراد كميات من الحليب المجفف لتأمين النقص . حيث يبلغ استيراد القطر أكثر من 3000 طن حليب مجفف كامل الدسم في العام ، إضافة إلى أكثر من 400 طن حليب مجفف مسحوب الدسم في العام .
ولابد أن نشير إلى أن صناعة الألبان والأجبان في سورية وخاصة في البادية والمراعي والقرى لا تزال صناعة فردية خاصة , وهي تغطي أكثر من 50 % من حاجة القطر من الحليب والألبان والأجبان ومشتقاتها
7 – صناعة تجفيف البصل :
بالرغم من أن إنشاء المصنع كان في أوائل عام 1967 إلا أن الإنتاج الفعلي بدأ في عام 1970 على خطين , وتبلغ طاقته الإنتاجية الموسمية خلال 200 يوم عمل 14400 طناً من البصل .
ونظراً للطلب المتزايد في الأسواق العالمية على مادة البصل المجفف ، فقد تمّ تركيب خط ثالث طاقته الموسمية خلال 200 يوم عمل 9000 طناً من البصل .
ويبلغ إنتاج المصنع من البصل المجفف ( بودرة – قطع كبيرة – قطع صغيرة ) بحدود 2500 طناً في العام . وإن التزايد الحاصل في الإنتاج سنوياً يبين لنا الأهمية الصناعية لهذه المادة التي تستوجب من المسئولين تأمين البذار اللازم والمحسن لتوزيعه على المزارعين . علماً بأنه تمّ استيراد كمية من البذار من الخارج لتغطية الاحتياجات اللازمة . ولا بد من توجيه الاهتمام في المستقبل لتأمين كافة البذار اللازمة ، ولإجراء دراسات لتجفيف منتجات زراعية أخرى في فترة انتهاء الموسم
8 – صناعة الفستق السوداني :
يعتبر الفستق السوداني من المحاصيل الزراعية ذات القيمة الاقتصادية الهامة في العالم حيث تستخدم الحبوب في تغذية الإنسان وتدخل كسر الحبوب في صناعة الحلويات . كما تستخدم لاستخراج الزيت الذي نستفيد منه للتغذية والصناعة . يبلغ متوسط نسبة الزيت في الأنواع السورية 40 % بينما في الأنواع الأفريقية المخصصة لاستخراج الزيت تصل إلى 60 % ، وتمتاز الأصناف السورية بطعمها ونكهتها الجيدة , ويستخدم الجزء الأخضر من النبات في تغذية الحيوان أما المخلفات الأخرى فتعتبر كعلف وأسمدة . ويزرع المحصول في القطر العربي السوري في محافظتي اللاذقية وطرطوس في مناطق الشريط الساحلي وفي مناطق محافظة حمص وتقدر النسبة المئوية لإنتاج المحافظات الثلاث على الشكل التالي :
المحافظة النسبة المئوية
طرطوس 65 %
اللاذقية 20 %
حمص 15 %
وقد تأسست في عام /1967 / الشركة السورية لتسويق وتصنيع الفستق السوداني في طرطوس ويتبع لها مصنع طرطوس ، وهناك مصنع في اللاذقية ويرتبط المصنعان بالإدارة العامة التابعة لوزارة الصناعة ، وتعتبر طرطوس المحافظة الأولى المنتجة لهذا الصنف . ولقد حققت الدولة نتيجة حصر هذه المادة بالقطاع العام دخلاً لا بأس به من العملات الأجنبية بالإضافة إلى تحقيق ربح تقوم به بتوسيع هذه الصناعة
وقد بلغ متوسط إنتاج عام 1970 – 1975 حوالي 5300 طن فستق بقشره ، وحوالي 2000 طن مقشور ، إلا أن الإنتاج قد انخفض بعد ذلك بسبب عزوف المزارعين عن زراعته لنجاح زراعة الخضار ذات الريعية الأكثر للمزارع وخاصة أن الساحل السوري يمتاز بكثرة الأمطار واعتدال الحرارة في فصلي الشتاء والربيع مما يساعد على إنجاح زراعة الخضار الباكورية ذات الثمن المرتفع نسبياً .
9 – صناعة التبغ :
يعتبر التبغ من المحاصيل الزراعية الأساسية في سورية فهو يستمد أهميته من العدد الكبير من المساحات الواسعة المخصصة لزراعته ومن دوره الهام في توفير عائدات كبيرة من العملات الأجنبية ، فزراعة التبغ في القطر العربي السوري آخذة في التطور والنمو لا سيما وأن الدولة توليها عنايتها ورعايتها . وتبين من الإحصائيات المتوفرة أن زراعة التبغ تشغل / 15.5 / ألف هكتار تقريباً أي ما يعادل 2.5 % من مجموع المساحات الأراضي الزراعية المستثمرة في سورية . وإذا لاحظنا أن المساحات المزروعة من هذه المادة ضئيلة بالنسبة للمساحات المزروعة فإن المورد الذي تعطيه هذه المساحات يفوق كثيراً ما تعطيه الأراضي التي تزرع أنواعاً أخرى من المحاصيل الزراعية ، إذ بلغ دخل المزارعين من هذه الزراعة أكثر من 400 مليون ليرة سورية تقريباً . ولبيان أهمية مورد هذه الزراعة بالنسبة لغيرها يكفي أن نذكر أن دخل الهكتار الواحد من التبغ يزيد عن / 20000 / ل . س سنوياً , في حين أن دخل الهكتار الواحد من القطن لا يتجاوز / 10000 / ل . س ومن القمح / 4000 / ل . س كما أنه يفوق كثيراً دخل الهكتار من الأراضي المزروعة بالأنواع الأخرى من الحبوب ومشتقاتها ، وتتمركز في القطر العربي السوري أربعة مصانع في : دمشق – حلب – اللاذقية – حماه.
ويبلغ إنتاج القطر العربي السوري سنوياً بحدود 15 ألف طن من التبغ يحول حوالي 60 % منها لإنتاج السجاير , وحوالي35 % للتبغ الفلش و 5 % للتنباك .
ونتيجة للفائدة العائدة من زراعة التبغ وتصنيعه يجدر بنا أن نوجه إلى مكننة هذه الزراعة وإجراء التجارب العديدة لضمان نجاحها في المناطق السهلية الداخلية الواسعة وخاصة في منطقة المشروع الرائد في حوض الفرات . وقد مارست إدارة حصر التبغ والتنباك نشاطات مختلفة في حقل الأبحاث الزراعية بغية وقاية نبات التبغ من الأمراض والحشرات وزيادة المحصول وتحسين طرق زراعته ونوعيته وإدخال أصناف تبغ جديدة والإكثار من البذور لمختلف أنواع التبوغ .
10 – الثروة الحيوانية :
تعتبر الأغنام المصدر الأساسي للثروة الحيوانية في القطر العربي السوري حيث يسيطر القطاع الخاص على معظمها من حيث استيراد بعضها ليربيها ومن ثم يطرحها للسوق أو لتصديرها خاصة وأنه لا يوجد صناعة للحوم في قطرنا ما عدا بعضها اليدوية ( كالنقانق – البسطرمة ) المحلية . إلا أن هناك بعض المراكز المختصة في تربية الأغنام يشرف عليها القطاع العام بلغ عددها / 8 / مراكز تابعة لوزارة الزراعة والإصلاح الزراعي نذكر منها : الكريم – حسياء – المنقورة….الخ . أما بالنسبة لتربية الأبقار ففي أوائل الستينيات أدخل إلى القطر العربي السوري العروق الأجنبية المستوردة بهدف دراسة تأقلمها وإنتاجها تحت ظروف القطر ، وفي هذه الفترة عقدت الحكومة اتفاقية مع حكومة ألمانيا الاتحادية لتطوير محطة أبحاث دير الحجر التي حولت في عام 1963 إلى محطة لتجارب تربية الحيوان وتم توريد ثلاثة عروق من الأبقار حيث تم تأقلم عرق الفريزيان بشكل جيد مع البيئة المحلية وأعطى تحت ظروف الرعاية والتغذية في محطة دير الحجر أرقاماً إنتاجية قياسية من حيث النمو المبكر ونسبة الإخصاب وإنتاج الحليب , وبعد ذلك توالى إنشاء محطات الأبقار وأصبح في القطر الآن عدة منشآت حكومية لتربية الأبقار عدد مواشيها أكثر من 10 آلاف رأس , ويبلغ عدد الأبقار الحلوب منها حوالي 6000 رأس تعطي حوالي 30 ألف طن حليب / عام وأكثر من 2500 طن لحم / عام .
هذا ولقد دلت الإحصائيات الرسمية بأن لحوم الأغنام تشكل حوالي 68.5 % من استهلاك القطر السنوي من اللحوم ويقدر ما يستورده سنوياً حوالي 11 % من هذه الكمية ، وفي حديثنا عن إنتاج اللحوم نعني بذلك عدد المذبوحات الجارية في مسالخ البلديات وخارج هذه المسالخ من الأغنام والأبقار مضافاً إليها نسبة المذبوحات.
وتعداد الثروة الحيوانية في سورية يدل على عدم انتظام عددها وتعرضها إلى تقلبات موازية للمواسم الزراعية ، فهو يزداد بنسبة الضعف في المواسم الخصبة وينقص بنسبة النصف في السنين القاحلة .
أما بالنسبة للدواجن فهناك ظاهرة تذبذب في كمياتها وذلك حسب المواسم الزراعية ، وتبلغ طاقة المداجن حوالي 8 مليون رأس ونجد نفس الظواهر في كميات الدواجن الأخرى وهذا يعود إلى ما يلي :
1- سوء المواسم الزراعية نتيجة الأحوال الطبيعية .
2- الأمراض التي تصيب الثروة الحيوانية .
3-عدم استعمال الطرق الحديثة في تربية الحيوان .
وكما أشرنا سابقاً أن القطر العربي السوري لازال يفتقر إلى صناعة اللحوم . وليس هناك من صناعة لحمية في القطر تستحق الذكر، إن الصناعة الغذائية ذات الأصل الحيواني تكاد تكون معدومة .
أما من حيث إنتاج الصوف واستخدامه في الصناعة فهو محصول تجاري هام سواءً في السوق العالمية أو المحلية فبعض الدول كأستراليا يعتبر الصوف من أهم دعائمها الاقتصادية ويقسم إلى قسمين :
1 – صوف ناعم يستعمل في صناعة الملابس الصوفية والأقمشة
2 – الصوف الخشن ويستعمل عادة في صناعة السجاد والحرامات الصوفية .
وقد أقيم في مدينة حماه الشركة العامة للأصواف حيث يتم فيها غزل الصوف بعد غسله ويسوق كامل الإنتاج في السوق المحلية لدى مصانع السجاد الصوفي ، والوحدات الإرشادية المنتجة للسجاد الصوفي اليدوي .
لمحة عن التصنيع في القطاع الخاص
يساهم القطاعان العام والخاص في صناعة المواد الغذائية .
وينفرد القطاع العام كما أشرنا سابقاً بصناعة السكر والزيوت النباتية وتجفيف البصل وتصنيع الفستق السوداني والتبغ والتنباك…الخ .
كما ينفرد القطاع الخاص ببعض الصناعات كصناعة الخبز والحلويات والطحينة والسكاكر والمياه الغازية .
ويشترك القطاعان في صناعة الحبوب والكونسروة والشكولاتة والبسكويت وزيت الزيتون والسمن النباتي ، ويربو عدد المنشآت في القطاع الخاص على/ 500 / منشأة معظمها من الفئات الصغيرة الحجم .
بعد هذه اللمحة السريعة عن واقع أهم الصناعات الزراعية في القطر يمكننا أن نلخص بعض الصعوبات الرئيسية التي تعاني منها :
1 – نقص المواد الأولية : فكميات الشوندر السكري والبذور الزيتية والحليب والخضراوات والفواكه المنتجة هي دون حاجة المصانع القائمة في القطر . لذا ينبغي زيادة الكميات المنتجة من مختلف المواد الأولية لتغطية العجز الحاصل .
2 – ارتفاع تكلفة المواد الأولية : وهذا ينعكس على تكلفة المنتجات النهائية ويؤثر بالتالي على اقتصادياتها ، ويضعف إمكانياتها على منافسة المنتجات الأجنبية ، ويرد هذا بالدرجة الأولى إلى انخفاض الإنتاجية الزراعية ، أي عدد الأطنان المنتجة في الدونم أو الهكتار .
3 – تسهيل أعمال المزارعين : حتى لا يحدث للمزارعين نفور من التعامل مع القطاع العام .
4 – تحسين شروط العمل في المصانع : عن طريق زيادة الوعي ومراعاة العاملين لأهمية القطاع الذي يعملون فيه .
5 – نقص اليد العاملة الفنية : وهي مشكلة مشتركة بين هذه الصناعات كلها وينجم عنها محاذير كثيرة تضعف أهمية وفعالية هذا القطاع الصناعي الهام .
6 – البحث العلمي في الصناعة والزراعة : وتبدو الحاجة ماسة إلى تطوير البحث العلمي في مجال التصنيع الزراعي سواء في مجال تأمين المادة الأولية المناسبة أو من حيث اختيار الطرق التكنولوجية الملائمة للوصول إلى أفضل النتائج .
لذا نوصي بإقامة مراكز للبحث العلمي ترتبط بالصناعات الزراعية القائمة وتدرس مشاكلها ، ودعم مراكز الأبحاث القائمة في القطر. واستكمالاً لهذا الموضوع الحيوي وضعت خطط ومشروعات متكاملة تهدف جميعها إلى تحقيق الأمن الغذائي الصناعي للدول العربية سواء في الأجل المتوسط والطويل، وتغطي البنود الآتية :
1 – تحديد أولويات السلع الغذائية وفقاً لأهميتها الحالية والمستقبلية ووفقاً لأهميتها في النمط الغذائي العربي وأهميتها السياسية والاستراتيجية
2 – تحديد المناطق الإنتاجية لكل سلعة داخل المناطق الإنتاجية الزراعية وذلك وفقاً لميزتها النسبية وتوفر المواد اللازمة من أرضية ومائية وبشرية .
3 – تحديد البرامج الزمنية و الأوليات لتنفيذ المشروعات لمواجهة الحجم المتزايد للفجوة الغذائية والصناعية والاقتصادية .
5 – تقدير حجم الاستثمار المطلوب لتنفيذ تلك المشروعات وتوزيعها جغرافياً وزمنياً .
6 – وضع نظام لانتقال السلع الغذائية المنتجة وتبادلها وتسويقها بين الدول العربية .
الخاتمة
وعلى ضوء الدراسات التي تقدمت ، والتي أكدت أن الوطن العربي يملك إمكانيات التنمية وأن حل أزمة التصنيع الزراعي يتم عن طريق إقامة مؤتمر قمة اقتصادي عربي، فهناك تخلفاً ملحوظاً في توفر البيانات والإحصائيات والمسوح الصناعية في الوطن العربي ، كما أن هناك نوعاً من عدم المبالاة في مسألة المكاشفة الصريحة بين الأقطار العربية فيما يخص تزويد البيانات والمعلومات المتعلقة بالنشاط الصناعي في الأقطار العربية ، ولهذا لا بد من إعلان للسياسة العامة يصدر عن مؤتمر قمة اقتصادي عربي ، توضع فيه المفاهيم الأساسية للعمل الاقتصادي المشترك في الوطن العربي ، بحيث تعزل الخلافات السياسية لضمان استقرار العلاقات الاقتصادية ولا سيما في ناحية ضمان رؤوس الأموال والخبرة العربية ، وكذلك من أجل توطيد مواقف الأقطار العربية حيال التكتلات الاقتصادية الدولية ، كما أن اشتراك الرأي العام العربي في اتخاذ القرارات وإيجاد المؤسسات اللازمة لضمان ذلك الاشتراك ، ودعم الدراسات والصحافة الاقتصادية ذات الطابع الجماهيري ، يشكل أداة ضغط على الحكومات من أجل ترشيد القرارات السياسية ، وكذلك إشراف المنظمات المهنية والشعبية في العمل العربي المشترك ، وضرورة انتهاج كافة الطرق لتطوير الإرادة السياسية نحو ترشيد القرارات كأساس للتكامل الاقتصادي العربي . وإن إنشاء بنك عربي للمعلومات الاقتصادية والاجتماعية هو شرط من شروط التنسيق .