يعود مفهوم استخدام الزيوت النباتية كوقود للمحركات لبداية القرن العشرين , حيث بيّن العالم رودولف ديزل Rudolf Diesel (1913 – 1858) في المعرض العالمي في باريس عام 1900 إمكانية استخدام الزيوت النباتية كوقود للمحركات , ولكنه توفى قبل أن يثبت صحة نظريته . وأهملت الزيوت النباتية بعد وفاته كوقود ومصدر جديد للطاقة وذلك لتطور الصناعات النفطية بشكل سريع ومذهل لتنتج وقود الديزل كمنتج رخيص لمحرك الديزل ,
أهمية البيوديزل :
أخذ الاهتمام العالي يتجه في الوقت الحاضر نحو إنتاج وقود جديد صديق للبيئة , وخاصة بعد انخفاض مخزون البترول في العالم وغلاء أسعاره , ولتوفر كميات كبيرة من الزيوت النباتية والحيوانية رخيصة الثمن والتي تستعمل كمواد أولية لإنتاج البيوديزل من جهة أخرى .
وقد بدأت العديد من الدول ـ مثل فرنسا وإيطاليا والدنمرك والتشيك وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية وماليزيا واستراليا والفيليبين ـ في استعمال وقود البيوديزل المنتج من زيت اللفت ( الرابس ) في أوربا , وزيت النخيل ( البالم ) في دول شرقي آسيا , وزيت الصويا في الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الزيوت الرخيصة بدلاً من وقود الديزل البترولي , وقد تزايد الإنتاج العالمي لوقود البيوديزل بدءاً من 500 ألف طن في عام 1995 إلى أكثر من 5 مليون طن في عام 2005 .
دخل استخدام وقود البيوديزل في تشريع وتنظيم بعض البلدان في عام 1990 م بسبب التلوث الناتج عن وقود الديزل البترولي والفوائد الناتجة عن استخدام وقود البيوديزل ,حيث قامت الفيليبين بدمج نسبة من وقود البيوديزل مع وقود الديزل البترولي في السيارات الحكومية , كما أن حوالي 10 % من المركبات في الولايات المتحدة الأمريكية تستعمل البيوديزل كوقود , ويتوقع أن تصل هذه النسبة إلى 30 % في عام 2010 م .
يمتلك وقود البيوديزل خواص فيزيائية وحرارية تشبه إلى حدّ كبير خواص وقود الديزل وخاصة من ناحية الزوجة وطاقة الاحتراق , والأمر الذي يشجع على استخدامها كوقود هو إمكانية تصنيعها بشكل متجدد من مصادرها النباتية التي تزرع سنوياً , أو الحيوانية المتوفرة بشكل دائم ما دامت الحياة على الأرض , بينما النفط عرضة للنفاذ نتيجة الاستهلاك المستمر , بالإضافة إلى أنها تطلق عند احتراقها ملوثات بيئية أقل من الديزل البترولي .
البيوديزل : سائل زيتي القوام ذو لون أصفر خفيف , ورائحة خفيفة , وطعم مر , وهو اسم لمجموعة متنوعة من إستيرات الكحولات الأولية الدنيا للأحماض الدسمة , كالميتيلية أو الإيتيلية أو البروبيلية أو البوتيلية أو البنتيلية .
مواصفات البيوديزل :
يتميّز وقود البيوديزل بالمواصفات التالية :
* يمكن أن يمتزج وقود البيوديزل مع وقود الديزل البترولي بسرعة وبكافة النسب ( والأكثر استخداماً 20 % بيوديزل 80 % ديزل بترولي ) , ويتشكل مزيج وقودي متجانس , حيث يفضل أن تستخدم هذه المزائج لأنه عند استخدام البيوديزل لوحده يجب تعديل المحرك لتجنب مشاكل تقنية في الأداء .
* يعتبر البيوديزل غير سام وسهل التحلل الحيوي .
* يقلل البيوديزل من إصدارات الملوثات السامة الناتجة عن محركات الديزل , حيث يقلل انبعاث أول أكسيد الكربون بنسبة 47 % , ويخفض انبعاث غاز ثاني أكسيد الكبريت بنسبة 100 % , ويقلل حوالي 90 % من الدقائق الناعمة الغير محترقة الناتجة عن الديزل البترولي .
* يملك البيوديزل رقم سيتان مرتفع ( 60 – 65 ) وهو أعلى من رقم سيتان الديزل البترولي ( 44 – 49 ) , ذلك مما يساعد على تخفيض الضجيج الناتج عن عمل المحرك وسهولة إعادة التشغيل .
* يمكن أن يخزن البيوديزل وينقل بشكل أفضل وآمن نظراً لارتفاع درجة احتراقه ونقطة وميضه ولزوجته مقارنة مع الديزل البترولي الذي يحتاج إلى شروط خاصة لتخزينه ونقله .
* يمكن أن يطيل استخدام البيوديزل عمر محرك الديزل لأنه أكثر تزليقاً , ويحتوي على 11 % أكسجين , ولا يحتوي على الكبريت ( مقارنة مع الديزل البترولي ) .
* يترك الديزل البترولي ترسبات في خزان وقود السيارة , بينما لا يلاحظ ذلك عند استخدام البيوديزل لأنه يعتبر محل جيد لهذه الترسبات .
المواد الأولية التي تدخل في تصنيع وقود البيوديزل :
1 ـ المواد والأحماض الدسمة ذات قرينة اليود المرتفعة ( الزيوت الجفوفة وشبه الجفوفة ) .
2 ـ الكحولات الأولية الدنيا , وخاصة الكحول الميتيلي والإيتيلي . وإن كان الإيتانول مفضل في كثير من الأحيان لأنه أرخص ثمناً , وأسهل تحضيراً , وأكثر أمناً حيث أن التأثيرات السامة للأبخرة الناتجة عنه منخفضة مقارنة مع الميتانول ولكن عملياً يستخدم الميتانول بشكل واسع للأسباب التالية :
* لا يشكل الميتانول ايزو تروب مع الماء , وبذلك يمكن إعادة استخدامه ( إعادة تدويره ) .
* يضاف الميتانول بكمية أقل من الإيتانول .
* درجة غليان الميتانول ( 64.5 مO ) من درجة غليان الإيتانول ( 78 مO ) .
* صعوبة الحصول على الإيتانول بنقاوة عالية .
3 ـ الوسيط .
يتم إنتاج البيوديزل بطريقتين :
الأولى :
بالأسترة التبادلية بين الكحولات الأولية الدنيا كالكحول الميتيلي أو الإيتيلي والجليسيرين في جزيئات الزيت باستخدام وسيط حمضي ( حمض الكبريت ) أو وسيط قلوي ( الصود الكاوي أو البوتاس الكاوي ) . للحصول على الجليسيرين كناتج ثانوي , والبيوديزل كناتج رئيسي , ويعتبر هذا المنتج الجديد فعال كالديزل البترولي في محركات الديزل .
وعملية الأسترة التبادلية هي الأكثر شيوعاً وذلك للأسباب التالية :
1 ـ اقتصادية العملية لأنها تتم بدرجات حرارة وضغط منخفضين .
2 ـ يصل مردود التفاعل حتى 98 % .
3 ـ إنتاج مباشر للبيوديزل بدون منتجات مرحلية .
4 ـ استخدام مواد متاحة ومحلية من أجل التفاعل .
وتعتمد عملية تبديل الأسترة وحدوث التفاعل بشكل كامل على عدة عوامل :
• نوع الزيت ونقاوته , ويفضل الزيت المتعادل والمبيض والمزال الرائحة .
• حجم وشكل مفاعل الأسترة .
• عدد دوران الخلاط في الدقيقة ( 60 دورة في الدقيقة عادة ) .
• درجة حرارة التفاعل ( أخفض من درجة غليان الكحول المستعمل عادة ) .
• نسبة الزيادة من الكحول المستخدم .
• زمن الخلط والتفاعل .
نوع ونسبة الوسيط المستعمل .
ويبين المخطط التالي تسلسل مراحل الأسترة التبادلية :
زيت متعادل ومكرر ومبيض وخال من الماء + مزيج الكحول والوسيط ـــ التفاعل ــــ الترقيد لفصل الجليسيرين الأكثر كثافة الذي يرقد في أسفل الخلاط عن الإستر الأقل كثافة الذي يطفو على السطح , كما يمكن الفصل باستعمال الطرد المركزي ـــ إزالة الكحول المتبقي مع الإستر بعملية التبخير اللحظي ــــ تنقية الإستر من آثار الوسيط والصابون ـــ تنقية ورفع تركيز الجليسيرين الناتج ـــ تعبئة وتخزين البيوديزل
الثانية :
بالأسترة المباشرة للأحماض الدسمة بالكحولات الأولية الدنيا كالكحول الميتيلي أو الإيتيلي باستخدام وسيط قلوي ( الصود الكاوي أو البوتاس الكاوي ) أو بعض الأكاسيد المعدنية ( كأكسيد الزنك ) , ويجب إزالة الماء الناتج عن التفاعل باستمرار . وبانتهاء التفاعل حيث يصل المردود إلى حوالي 95 % يجب إزالة الأحماض الحرة غير المتفاعلة من الإستر الناتج وكذلك تنقية الإستر من الوسيط . والبيوديزل هو الناتج الرئيسي والوحيد من هذا التفاعل .