يعتبر العلم السمة التي تتفاخر بها الأمم ، لما له من أهمية كبيرة وأثر عظيم يعود على الفرد والمجتمع ، لذلك جعله الإسلام المركز الأساسي لبنائه الشامخ الذي قام عليه ، ورفض كل الأوهام والضلالات التي هي نقيض له ، فالإسلام هو ثورة علمية كبيرة في بيئة اتصفت بالجهل، وتعودت عليه ؛ حيث سُميت المرحلة السابقة لنزول القرآن بالجاهلية ، حيث جاء الإسلام ليبدأ العلم ، وينشره في جميع أنحاء العالم، فقال تعالى: (أَفَحُكْمَ الْـجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) [ المائدة: 50].
القرآن الكريم والعلم :
يعتبر العلم منهاجاً ثابتاً في دستور القرآن الكريم الخالد؛ حيث لا تكاد سورة من سور القرآن الكريم تخلو من الحديث عن العلم؛ سواء أكان ذلك بطريقة مباشرة أم غير مباشرة .
وهناك كلمات أخرى وردت في القرآن الكريم تشير إلى معنى العلم؛ حيث إنّها لم تُذكر بلفظه، ومن أمثلة ذلك: الفكر، والنظر، واليقين، والهدى، والعقل، والحكمة، والبرهان، والحجة، والآية، والبينة.
ما أهمية العلم في الإسلام :
يعتبر القرآن الكريم دين العلم ، فقد كانت أول آية نزلت منه تأمر بالقراءة التي تعتبر المفتاح الأساسي لكل العلوم سواء أكانت علوماً دينية أم علوماً دنيوية ، فقال الله عزّ وجل: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) [العلق: 1-5].
وجعل الله للعلماء منزلة عالية تعلو عن غيرهم من الناس في الحياة الدنيا وفي الآخرة، قال تعالى: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) [المجادلة:11] .
ومعرفة الله وخشيته تكون من خلال العلم بآياته ومخلوقاته المختلفة؛ والعلماء هم من يعلمون ذلك، ومدحهم الله عزّ وجل بقوله: ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ) [فاطر: 28].
وأمر الله عزّ وجل رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم بطلب العلم، وذلك نظراً لأهميته، فقال: ( وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا) [طه: 114].
وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين بطلب العلم، فجعله فريضةً على كل مسلم ومسلمة ، وبيّن فضل العلماء على الناس في الكثير من الأحاديث الشريفة، فجعل فضل العالم على العابد كفضل القمر على بقية الكواكب ، كما أنه بيّن بأن العلماء هم ورثة الأنبياء، وأن من سلك طريق العلم سهل الله له بها طريقاً إلى الجنة، فقال صلى الله عليه وسلم : ( من سلك طريقاً يطلب فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة ) [حديث صحيح].
ومن ثمرات طلب العلم في الإسلام :
أ – يرفعهم الله تعالى:
قال عز وجل: ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [المجادلة: 11].
ب – يسهِّل الله لهم طريقًا إلى الجنة ؛ فعن كثير بن قيس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من سلك طريقَ العلمِ، سهَّل اللهُ له طريقًا إلى الجنةِ )).
ج – وجعل الله عزّ وجل ثواب العالم مستمر لا ينقطع عند موته، بل يجري له بقدر انتفاع الناس به، فقال صلى الله عليه وسلم : ( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له ) [صحيح مسلم].
د – مَن يخرج لطلب العلم فهو في سبيل الله؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن خرَج في طلب العلم، كان في سبيل الله حتى يَرجِعَ))؛ سنن الترمذي 2647 .
والعلوم نوعان :
1 – العلوم الدينية : ويقصد بها علم الفقه والتفسير والحديث والاعتقاد . وهي فرض عين على كافة المسلمين
2 – العلوم الدنيوية : ويقصد بها تلك العلوم التي هي ضرورية لحياة كل الناس , بشتى مِلَلهم ومذاهبهم وفرقهم وأديانهم . ومثالها علوم الكيمياء والفيزياء والطب والفلك والرياضيات والفلسفة والمنطق والتاريخ والجغرافيا والذرة والفضاء .
وكل علم منها فرض كفاية , فإن قام به البعض سقط عن الآخرين . وإلا فكل المسلمون آثمون إن لم يوجد مختص ولو واحد في أحد هذه العلوم .
ومن هنا قال الصحابة ورجال الفقه والعلم المسلمون الأوائل : ” تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ ، فَإِنَّ تَعَلُّمَهُ لِلَّهِ خَشْيَةٌ ، وَطَلَبَهُ عِبَادَةٌ ، وَمُذَاكَرَتَهُ تَسْبِيحٌ ، وَالْبَحْثَ عَنْهُ جِهَادٌ ، وَتَعْلِيمَهُ لِمَنْ لا يَعْلَمُهُ صَدَقَةٌ ، وَبَذْلَهُ لأَهْلِهِ قُرْبَةٌ .
أي
المقالات »