المقالات »

محاضرة عن الإسلام

محاضرة عن الإسلام كنت قد ألقيتها في المركز الثقافي بمدينة هلسنغبورغ في السويد أواخر القرن الماضي في مؤتمر تلاقي الأديان حول العلاقة بين المسيحية والإسلام

أيها السادة الكرام . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
اسمحوا لي قبل كل شيء أن أشكر لكم حضوركم وأن أشكر السادة الذين أتاحوا لي هذا اللقاء معكم . وآمل فيما خصص لي من وقت أن أستطيع أن أشرح وأبين الموقع الحق للسيد المسيح عليه وعلى أمه مريم البتول الطاهرة المطهرة السلام ، وكذلك موقع المسيحيين في القرآن وحديث محمد رسول الإسلام . وكما فهم ذلك المسلمون الأولون , الذين هم في الحقيقة كانوا يهوداً أو نصارى أو على دين إبراهيم عليه السلام , ثم اختاروا الإسلام ديناً .
فكلمة الإسلام مشتقة من اللغة العربية ، لغة القرآن من كلا الكلمتين التاليتين :
الأولى – السلام : بكل ما في هذه الكلمة من معنى ، لذلك كانت تحية المسلمين هي كلمة : السلام عليكم .
الثانية – الاستسلام لله : أي الانقياد والطاعة والاستسلام والعبودية لله وحده .
والقاسم المشرك بين الأديان السماوية : الإيمان بالله ورسله وكتبه :
فالمسلمون يؤمنون بموسى ويوقرونه ويعتبرون التهجم على مكانته كفراً بالإسلام . وهم كذلك يؤمنون بعيسى , ويكرمون مولده وينزهونه . ويرون الطعن في عفاف أمه أو شرف ابنها , أو التهجم على مكانته كفراً بالإسلام .
وهم يعتقدون أن إيمانهم بموسى وتوراته , وعيسى وإنجيله , تكملة لإيمانهم بمحمد وقرآنه . على أساس أن النبوة الأخيرة جاءت تصديقاً لما قبلها .
فالإسلام هو يهودية موسى ونصرانية عيسى معاً , وهدايات من قبلها من رسل الله جميعاً . لم لا ونحن نستمع إلى قوله تعالى في سورة البقرة يوضح ذلك :
قُولُوا ءَامَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُون َ(136) ..

أيها السادة :
لقد جاء القرآن الكريم , كتاب المسلمين المقدس بثمانية مبادئ , علمنا إياها , وطلب منا تبليغها للناس أجمعين , وهي :
1ـ أن الأديان السماوية تستقي من معين واحد : ( شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ) . الشورى 13 .
2 ـ إن الأنبياء اخوة , لا تفاضل بينهم من حيث الرسالة , وأن على المسلمين أن يؤمنوا بهم جميعاً : قُولُوا ءَامَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136) سورة البقرة .
3 ـ إن العقيدة لا يمكن الإكراه عليها , بل لابد من الإقناع والرضا : لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيم ٌ(256) . سورة البقرة .
4 ـ إن أماكن العبادات للديانات السماوية محترمة , يجب الدفاع عنها , وحمايتها كحماية مساجد المسلمين : الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ(40) . سورة الحج .
5 ـ وأن الناس لا ينبغي أن يؤدي اختلافهم في أديانهم , إلى أن يقتل بعضهم بعضاً , أو أن يعتدي بعضهم على بعض , بل يجب أن يتعاونوا على فعل الخير , ومكافحة الشر : وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب ِ (2) . سورة المائدة .
وأما الفصل فيما يختلفون فيه , فالله وحده هو الذي يحكم بينهم يوم القيامة : فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُون َ(113) . سورة البقرة .
6 ـ وأن التفاضل بين الناس ,عند الله , بمقدار ما يقدمه أحدهم لنفسه وللناس من خير وبر : يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ(13) سورة الحجرات.
7 ـ وإن الاختلاف في الأديان لا يحول دون صلة البر والرحم والضيافة : الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا ءَاتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (5) . سورة المائدة .
8 ـ وإن اختلف الناس في أديانهم , فلهم أن يجادل بعضهم بعضاً بالحسنى , وفي حدود الحجة والإقناع : وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا ءَامَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (46) . سورة العنكبوت .


تاريخ المقالة:

مصنفة في:

, , ,