المقالات »

التلقيح الاصطناعي ( أطفال الآنابيب وأطفال الإخصاب المجهري )

التلقيح الاصطناعي ( أطفال الآنابيب وأطفال الإخصاب المجهري )

التلقيح الاصطناعي وأطفال الأنابيب وأطفال الإخصاب المجهري ، الأمر الذي شغل الناس ولا يزال يشغلهم . وهو من أبرز قضايا الساعة في العالم ، هذا الموضوع أثير في الربع الثالث من القرن العشرين المنصرم ولا يزال يثار حتى اليوم . وكنت كثيرا ما أسأل حول هذا الموضوع عندما كنت إماما لمسجد مدينة هلسنجبورج في السويد أواخر القرن العشرين الماضي , وكثيرا ما أسأل عنه اليوم أيضا في تركيا.
ولذا لا بد أولا من إعطاء فكرة عن معنى أطفال الأنابيب , وأطفال الإخصاب المجهري
أولا – أطفال الأنابيب وسيلة تهدف إلى تحقيق التلامس المباشر بين الحيوان المنوي للرجل وبويضة المرأة لزيادة احتمال الإخصاب , حيث أن الحيوانات المنوية الهائمة في رحم المرأة يمكن أن تضل الطريق عن البويضة , خاصة فى حالة انسداد الأنابيب الذى يمنع خروج البويضة , أو فى حالة قلة الحيوانات المنوية أو ضعف حركتها حيث تهلك الحيوانات المنوية الضعيفة أو القليلة بالكامل قبل الوصول إلى البويضة .
الخطوة الأولى فى أطفال الأنابيب هى تنشيط التبويض عند المرأة بأدوية خاصة على مدى شهر. يلى ذلك سحب البويضات إلى خارج الجسم ( بدون جراحة ) , وذلك بإبرة موجهة تليفزيونيا ، ثم إزالة الجزء السميك من جدار البويضات الخارجي بعد جمعها ، هذا الجزء الذي يمكن أن يمنع الإخصاب.
يصاحب ذلك تحضير الحيوانات المنوية بتنقيتها من الخلايا الصديدية وغيرها . ووضعها فى سائل مغذي .
وأخيراً توضع البويضات مع الحيوانات المنوية في أنبوبة اختبار واحدة صغيرة , توضع بدورها فى حضانة توفر البيئة المناسبة لفترة كافية ليحدث التلقيح التلقائي ( ساعات ) .
بعد حدوث التلقيح ، يتم نقل جنين واحد أو أثنين إلى رحم الزوجة , خلال 24 – 72 ساعة , بدون جراحة , وذلك بحقنها باستخدام قسطرة خاصة .
الحمل الناتج عن هذا الإجراء حمل طبيعي , تسعة أشهر في رحم الأم وليس فى الانبوب. ولا يختلف الوليد عن غيره من الأطفال فى أى شئء حيث أنه نتيجة إخصاب الحيوان المنوي الطبيعي للبويضة الطبيعية .
تؤدى الأدوية المنشطة للتبويض إلى تَعَدُّد البويضات , بعكس التبويض الطبيعي ( بويضة واحدة بصورة عامة شهرياً ) . تعدد البويضات وإذابة جدار البويضات الصلب والتقارب الشديد بين الحيوانات المنوية والبويضات يزيد احتمال التلقيح .

ثانيا – الحــقن المجهــري أو الإخصاب المجهري :
هو وسيلة لمساعدة الحالات المستعصية من العقم سواء للرجال أو النساء . لا يختلف الحقن المجهري عن الحمل الطبيعي فى شىء , سوى أنه يكفي لنجاحه حيوان منوي واحد , بعكس الحمل الطبيعي الذى يحتاج إلى 20 مليون حيوان منوي , كما يمكن استخراج هذا الحيوان المنوي من خصية الرجل إذا كانت الحيوانات المنوية منعدمة فى السائل المنوي .
الخطوة الأولى : فى الحقن المجهري هي تنشيط مبيض الزوجة لإنتاج عدد كبير من البويضات , ثم استخراجها وتهيئتها للتلقيح ، متجاوزين بذلك الكثير من أسباب عقم النساء مثل كسل التبويض وانسداد أنابيب ” فالوب ” التي تنقل البويضات من المبايض إلي الرحم.
يكون ذلك بتداوي الزوجة بمنشطات التبويض على مدى 3- 4 أسابيع ، مع متابعتها دورياً بالتصوير التلفزيوني وتحليل الهرمونات . فإذا أوشكت البويضات على النضوج فى مبيض الزوجة ، يتم استخراجها بإبرة موجهة بالتصوير التلفزيوني . وهذا الإجراء ليس جراحة وليس به أي خطورة أو ألم ، و يستغرق حوالي خمسة عشر دقيقة . ينتج عن ذلك استخراج بويضات عديدة قد تصل إلى العشرين بويضة ( حسب السن وكفاءة التبويض ) وليس بويضة واحدة شهرياً كما هو المعتاد فى التبويض الطبيعى
بعد استخراج البويضات ، يتم غسلها وتنقيتها ، ثم إذابة جدارها الخارجي الصلب لتسهيل اختراق الحيوان المنوي لها .
الخطوة الثانية : فى الحقن المجهري هي تحضير الحيوانات المنوية ، وذلك إما من السائل المنوي وإما من الخصية إذا انعدمت في السائل المنوي . يتم عزل الحيوانات المنوية من السائل المنوي وتنقيتها .
الخطوة الثالثة : فى الإخصاب المجهري هي تلقيح هذه البويضات بالحيوانات المنوية الخاصة بالزوج , حيث أن كل جنين يتكون من تلقيح بويضة واحدة بحيوان منوي واحد . تلقيح عدد كبير من البويضات وتكون عدد كبير من الأجنة يرفع احتمالات الحمل بل ويزيد من احتمال الحمل بأكثر من جنين ( توائم )
يتم تحت الميكروسكوب ( المجهر) حقن كل بويضة من البويضات بحيوان منوي واحد فقط ، وحتى إن كانت حركة الحيوانات المنوية ضعيفة , فإن الحقن المجهري كفيل بنقلها إلى البويضة برغم ضعف الحركة . وهنا تكمن الميزة الكبرى في الإخصاب المجهري . وفى حالات انعدام الحيوانات المنوية فى السائل المنوى , يتم استخراجها من الخصية مباشرة , متجاوزين بذلك أغلب حالات العقم الناتج عن انسداد القناة المنوية أو عن كسل الخصية

يتم الحقن باستخدام إبرتين :
الأولى هى إبرة البويضة أو الإبرة الماسكة , تقوم هذه الإبرة بتثبيت البويضة فى الوضع المناسب للحقن .
أما الإبرة الثانية فهى إبرة الحيوان المنوى أو إبرة الحقن , وهى إبرة رفيعة , تقوم بامتصاص الحيوان المنوى إلى تجويفها, ثم يتم دفعه ليخترق البويضة ,
يتم تكرار هذه الخطوة حتى يتم حقن كل بويضة من بويضات الزوجة بحيوان منوى من حيوانات الزوج المنوية.
الخطوة الرابعة فى الحقن المجهرى هي مراقبة البويضات المحقونة على مدى يوم إلى خمسة أيام للتأكد من تحولها إلي أَجِنُّة ، و ذلك بأن تبدأ البويضة المحقونة في التكاثر من خلية واحدة إلي خلايا عديدة . ولا يتم نقل البويضة المحقونة إلي الرحم قبل تحولها إلى جنين , لأن الجنين قادر علي التعلق بالرحم ، بعكس البويضة .
الخطوة الخامسة والأخيرة فى الحقن المجهري هي نقل الأجنة إلي رحم الزوجة . تستغرق عملية النقل دقائق معدودة ، وتتم بغير تخدير، حيث أنها ليست عملية جراحية . وبعد نقل الأجنة ، تنتهي مهمة الطبيب وننتظر إرادة الله بنفخ الروح في الأجنة .

هل عملية التلقيح المجهري أو أطفال الأنابيب حرام أو حلال؟
جاء في القرار رقم : 16 ( 4 / 3 ) من قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة الأقطار الإسلامية بشأن أطفال الأنابيب ما يلي :
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنعقد في دورة مؤتمره الثالث بعمان عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية من 8-13 صفر 1407ه ـ، الموافق 11 – 16 تشرين الأول ( أكتوبر ) 1986م ،
بعد استعراض البحوث المتقدمة في موضوع التلقيح الصناعي ( أطفال الأنابيب ) والاستماع لشرح الخبراء والأطباء ، واستعرض المجلس ما تحقق في هذا المجال من إنجازات طبية توصل إليها العلم والتقنية في العصر الحاضر، لإنجاب الأطفال من بني الإنسان والتغلب على أسباب العقم المختلفة المانعة من الاستيلاد . وبعد التداول الذي تبين منه للمجلس أن طرق التلقيح الصناعي المعروفة في هذه الأيام هي سبعة :
• الحالة الأولى : أن يجري تلقيح بين نطفة مأخوذة من زوج وبيضة مأخوذة من امرأة ليست زوجته , ثم تزرع البيضة الملقحة في رحم زوجته .
• الحالة الثانية : يجري التلقيح بين نطفة رجل غير الزوج وبيضة الزوجة , ثم تزرع تلك البيضة الملقحة في رحم الزوجة .
• الحالة الثالثة : أن يجري تلقيح خارجي بين نطفة الزوج وبيضة الزوجة ثم تزرع البيضة الملقحة في رحم امرأة متطوعة مستأجرة .
• الحالة الرابعة : أن يجري تلقيح خارجي بين نطفة رجل غير الزوج وبيضة امرأة غير الزوجة . وتزرع البيضة الملقحة في رحم الزوجة .
• الحالة الخامسة : أن يجري تلقيح خارجي بين نطفة الزوج وبيضة من زوجته ثم تزرع اللقيحة في رحم الزوجة الأخرى ( إذا كان للرجل زوجتان ) .
• الحالة السادسة : أن يجري تلقيح خارجي بين نطفة الزوج وبيضة من زوجته ثم تزرع البيضة الملقحة في رحم زوجته .
• الحالة السابعة : أن تأخذ نطفة الزوج وتحقن في الموقع المناسب من مهبل زوجته أو رحمها تلقيحاً داخلياً.

القرار :
1 – إن الطرق الخمسة الأولى كلها محرمة شرعاً تحريماً قطعياً لأنها تتفق مع الزنا وممنوعة منعاً باتاً لذاتها أو لما يترتب عليه من اختلاط الأنساب وضياع الأمومة وغير ذلك من المحاذير الشرعية .
2 – أما الطريقان السادس والسابع فقد رأى مجلس المجمع أنه لا حرج من اللجوء إليها عند الحاجة شرعاً ولكن مع التحفظ ومع التأكيد على ضرورة أخذ كل الاحتياطات اللازمة .

ونص القرار في ما يتعلق بالأحكام عامة ، هو :
(أ) أن انكشاف المرأة المسلمة على غير من يحل بينها وبينه الاتصال الجنسي لا يجوز بحال من الأحوال إلا لغرض مشروع يعتبره الشرع مبيحًا لهذا الانكشاف.
(ب) أن احتياج المرأة إلى العلاج من مرض يؤذيها ، أو من حالة غير طبيعية في جسمها تسبب لها إزعاجًا، يعتبر ذلك غرضًا مشروعًا يبيح لها الانكشاف على غير زوجها لهذا العلاج، وعندئذ يتقيد ذلك الانكشاف بقدر الضرورة .
(جـ) كلما كان انكشاف المرأة على غير من يحل بينها وبينه الاتصال الجنسي مباحًا لغرض مشروع، يجب أن يكون المعالج امرأة مسلمة إن أمكن ذلك ، وإلا فامرأة غير مسلمة ، وإلا فطبيب مسلم ثقة وإلا فغير مسلم بهذا الترتيب .
ولا تجوز الخلوة بين المعالج والمرأة التي يعالجها إلا بحضور زوجها أو امرأة أخرى اه ـ.
وأجمع الفقهاء بدون استثناء على أن الحقن المجهري حلال ، بالشروط الاتية :
1- ان تكون العينة المنوية من الزوج وهذا يعني حرمانية أخذ العينة من شخص آخر
2- ان تكون البويضة من الزوجة وهذا يعني حرمانية اخذ البويضة من امراة أخرى.
3- أن يتم نقل الأجنة في رحم الزوجة التي اخذت منها البويضة وهذا يعني حرمانية تأجير الأرحام أو ما يسمي بالأم البديلة .
4- أن تكون عملية أطفال الأنابيب أثناء عقد صحيح بين الزوج والزوجة وهذا يعني حرمانية نقل الأجنة إلى الزوجة بعد انتهاء العقد سواء كان انتهاءه بالطلاق او موت الزوج .


تاريخ المقالة:

مصنفة في:

,