هناك قولان في الليالي العشر , القول الاول هي ليالي العشر الاخير من رمضان , والقول الثاني هي ليالي العشر الاول من ذي الحجة . وكلاهما جائز , ولله أن يقسم بما شاء من مخلوقاته , أما نحن البشر فلا يجوز أن نقسم إلا بالله الخالق المدبر .
وكلما جاءت ليالي العشر الأول من ذي الحجة , تذكرت ثلاث أمور جليلة لها أثر كبير في مجرى حياتي :
الأمر الاول : أكرمني المولى عز وجل وكتب لي وقدر أن أدي فريضة الحج مع بعثة الجامعات المصرية في عام 1377 هـــ , حيث كنت طالبا وقتها في السنة الثانية في كلية العلوم جامعة عين شمس بالقاهرة , واحتفلت هناك في مكة مع أعضاء البعثة من الطلبة والدكاترة ليلة الاول من ذي الحجة بعيد {{ ميلادي العشرين }} حيث إنني من مواليد 17 حزيران 1938 م الذي في عام 1958 وافق 30 ذي القعدة 1377هــــ . فكأنني ولدت مرتين . وفي الحديث الشريف : { من حج ولم يرفث ولم يفسق فكأنما ولدته أمه } .
الأمر الثاني : على جبل الرحمة , على جبل عرفات , حيث تزرف الدموع وتخشع القلوب وتنزل المغفرة والرحمة , دعوت الله عشرا , فأعطاني في حياتي هذه تسعة والحمد لله , وأنتظر العاشر قبل رحيلي من هذه الدنيا للقاء وجه الله سبحانه وتعالى .
الامر الثالث : وصية من والدي رحمه الله وصاني بها في مثل هذا اليوم من أول أيام عيد الأضحى المبارك , وكنت أنا المختص بذبح الأضاحي في المنزل , وطلب مني أن أوصي بها أولادي وأحفادي , بل الناس أجمعين . وهي {{ بر الوالدين وطاعتهما }} , لما في ذلك من خير عميم لمطيع والديه والبار بهما .
قال لي رحمه الله , أمامنا في القرآن مثلين اثنين فيهما كل العبرة والموعظة لمن يتعظ ويعتبر. وهل الامثال في القرآن إلا للعظة والتدبر والتفكر والاعتبار .
المثل الاول : لمن لم يطع والده . رغم أن والده لم يرد إلا الخير له , إنه ابن نوح , إذ قال له والده نوح عليه السلام : يابني اركب معنا { إي في الفلك , في السفينة } . قال له ابنه كلا : سآوي إلى جبل يعصمني من الماء . قال نوح لابنه : يابني لا عاصم اليوم من أمر الله , فماذا كانت النتيجة , كانت أنه من المغرقين .
المثل الثاني : لمن أطاع والده , وأنت الان يابني تذبح الاضحية , وأنت أعلم لم سنت الاضحية في مثل هذا اليوم , إنها سنت , لأن إبراهيم عليه السلام , قال لولده إسماعيل { وجدك رحمه الله هو الذي سمّاني إسماعيل تيمنا . وأنا سمّيت أخاك إبراهيم تيمنا أيضا } : يابني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى ؟ . فما كان جواب الولد المطيع لوالده وربه إلا أن قال : يا أبتي افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين . ولما أضجع إسماعيل للذبح مستسلما طائعا , لأنه يعلم أن رؤيا الانبياء حق , ووضع أباه السكين على رقبته . كانت ولا شك محنة للأب وللولد وللأم الوحيدة الولد , على السواء , فماذا كانت النتيجة ؟؟ : كانت أن فداه الله بذبح { كبش } عظيم , وخاطب الله نبيه إبراهيم خطاب نتلوه في صلاتنا إلى يوم القيامة , يا إبراهيم إنك صدقت الرؤيا بالحق , وماذا كانت النتيجة أيضا ؟ : أن كان من نسل إسماعيل عليه السلام نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم , وكانت النتيجة أيضا أننا نحن الآن مسلمين .
المقالات »