موضوع للمناقشة : هل ورث المسلمون الجهل من أبو جهل ( أبو الحكم عمرو بن هشام ) ؟
لما صدع النبي صلى الله عليه وسلم بأمر ربه ، ودعا أهل مكة إلى التوحيد وترْك عبادة الأصنام ، كان عمرو بن هشام من أوائل المشركين وأشدهم إيذاء للمسلمين وإعراضاً عن الرسالة ، فكنَّاه النبي بأبي جهل بعد أن كان يُكنى بأبي الحكم ، فكانت كنية مطابقة لوصفه , وهو أحق الخَلْق بهذه الكنية”.
ذكر القرطبي عند تفسيره قول الله تعالى: { وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ } (الجاثـية:23) قال: “قال مقاتل : نزلت في أبي جهل ، وذلك أنه طاف بالبيت ذات ليلة ومعه الوليد بن المغيرة ، فتحدثا في شأن النبي ، فقال أبو جهل : والله إني لأعلم أنه لصادق وأمين ! فقال له : فما يمنعك أن تصدقه وتؤمن به ؟ قال : تتحدث عني بنات قريش أني قد اتبعت يتيم أبي طالب من أجل كسرة ، واللات والعزى لن اتَّبَعْتُهُ أبداً، فنزلت: { وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِه }”. ورغم علم وشهادة أبي جهل للنبي بالصدق والأمانة إلا أنه لم يؤمن به؛ حسداً واستكباراً ، كما قال سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن ناجية بن كعب عن عليّ قال: قال أبو جهل للنبي : إنا لا نكذبك، ولكن نكذب ما جئت به ، فأنزل الله : { فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ }”.سورة الأنعام 33
وظل أبو جهل مستكبراً حتى آخر لحظة من لحظات حياته ، عندما قتل في غزوة بدر على يد الغلامين معاذ بن الجموح , ومعاذ بن عفراء , وأكمل عليه عبد الله بن مسعود .
بعد المعركة إختفى إبنه { جهل } , ولم يظهر إلا بعد قرون في أوربا في القرون الوسطى بعد أن طمس لهم معالم الحضارتين اليونانية والرومانية .
تنبه الأوربيون إلى الحالة التي وصلوا إليها من التخلف والفقر والأمراض , في الوقت التي كانت الحضارة الإسلامية في أوجها , حيث كانت بغداد ودمشق والقاهرة مناراً للعلم والأدب والحضارة والصحة , كانت روما وباريز وأثينا بؤرا للفقر والجهل وعدم النظافة فانتشر الطاعون الأسود وغيره من الأمراض .
تنبه الأوربيون إلى الحالة التي وصلوا إليها , وقالوا لا حلّ لمشاكلنا كلها سوى أن نعيد الجهل إلى موطنه وأهله , ونأخذ منهم العلم والمعرفة . فكانت الحروب الصليبية والاستعمارية والفكرية . وعدنا إلى جاهليتنا الأولى . فدخلت أوربا عصر البخار , وعصر الكهرباء , وعصر الذرة , وعصر الفضاء . فقلنا مالنا وهذا , يكفينا قول محمد عبد الوهاب في أغنيته : الدنيا سيجارة وكاس , وصعدوا هم إلى القمر , بينما القمر هو الذي يأتي إلينا في أغنية فايزة أحمد : ياما القمر على الباب نور قناديله , ياما أرد الباب وإلا انديله . فلم نصعد إليه .
وإن جهلوا علينا فنحن مع قول شاعرنا عمرو بن كلثوم في قصيدته إلى عمرو بن هند ملك الحيرة , حيث قال : ( أَلاَ لاَ يَجْهَلَـنَّ أَحَـدٌ عَلَيْنَـا = فَنَجْهَـلَ فَوْقَ جَهْلِ الجَاهِلِيْنَـا )