* تأمل العرب في محاسن المرأة، وأجادوا فـي وصفهـا جسدا ونفسا وأخلاقا ، وقدموا في مستوى أدب الطرفة أجمل النوادر التي استجمعت جمال القول مشوبا بروعة الذكاء وعبقرية الاختيار، فقدموا عبر ذلك كله ، صورة لسجايا المرأة الأخلاقية فياضة بأجمل القيم الإنسانية كقيم : الحب والحنان ، والتضحية ، والعطـاء ، وهي القيم التي تضرب جذورها في طبيعة المرأة وترتسم في سجل فطرتها.
* ومن طرف الجاهليين في وصف ذكاء المـرأة وأخلاقهـا مـا رواه العتبـي يقول :
رأيت امرأة أعجبتني صورتها قلت : ألك زوج ؟ . قـالت لا . قلـت لها : أفترغبين في الزواج ؟ . قـالت : نعـم , ولكـن لـي خصـلـة أظنـك لا ترضاها . قلت وما هي ؟ . قالت بياض برأسي . قال فثنيـت عنـان فرسـي وسرت قليلا . فنادتني : أقسمت عليك لتقفن . ثم أتت إلى موضع خـالي ، فكشفت عن شعرها وكأنه العناقيد . وقالت واللـه مـا بلغـت العشـرين ولكني عرّفتك إننا نكره منك ما تكره منا . قال : فخجلت. ثم سرت وأنا أقول :
فجعلت أطلب وصلها بتملق والشيب يغمزها بألا تفعلي
* وإذا كانت العزة والرقة والبراءة هي السمات الأخلاقية التـي عـرفت فيها المرأة في الجاهلية ، فإن أدبيات الإسلام السامية أكدت دائمـا عـلى أهمية الجانب الأخلاقي والنفسي في صفات المرأة الصالحة .
* وقـد جـاء فـي الحديث النبوي الشريف : تزوجوا الودود الولود فإنني مفـاخر بكـم الأمـم . والودود هنا سمة نفسية تترجم بمعنى المودة والحب وهي هنا تضاهي من حيث الأهمية خاصة الإنجاب عند المرأة وتتقدمها في سياق الحديث النبـوي عـلى الرغم من الأهميـة الكبـيرة التـي يوليهـا الإسلام لقـدرة المـرأة عـلى الإنجاب والتي أرادها النبي صلى الله عليه وسلم الكريم وحض عليها ” من اجل المفـاخرة بأمة العرب والإسلام. فالمودة والمحبة عند الإناث خاصة أساسية هامـة في التراث الإسلامي وهي خاصة خلقية ونفسية في آن واحد.
* ومن الطرائف الإسلامية ما تصف به امرأة أسرار الحفـاظ عـلى جمالهـا وذلك حين سئلت إعرابية متقدمة في السن وقد احتفظت بنضارة شبابها روعة جمالها وبهاء منظرها : أي مواد التجميل تستعملين فأجابت : استخدم لشفتي الحق . ولصوتي الصلاة . ولعيني الرحمة والشفقة . وليدي الإحسان . ولقوامي الاستقامة . ولقلبي الحب .
* وجاء في البيان النبوي ” تنكح المرأة لمالها ولحسبها ولجمالهـا ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك ( أخرجه البخـاري ومسـلم ) . وإذا كان البيان النبوي يؤكد على أهمية الخصـائص الأربعـة فـي المرأة : المال والحسن والحسب والدين فانه النـص النبـوي يفضـل خاصـة التدين في المرأة والتدين هنـا يعنـي اعتنـاق المـرأة منظومـة الأخـلاق الإسلامية التي تتجسد في قيـم الإسلام. وبعبـارة أخرى فإن الجـانب الأخلاقي بمضمونه السـيكولوجي كمـا يبـدو هنـا يتقـدم عـلى الجـوانب الثلاثة الأخرى كالمال والحسب والجمال.
* وتقبض أدبيات الإسلام بأحاديث ومواقف تؤكد جميعها عـلى الجـانب الخلقي – النفسي في المرأة . وقد جاء في التراث النبـوي أن ” لا تزوجـوا النساء لحسنهن فعسى حسنهن أن يرديهن. ولا تزوجوا النساء لأموالهن فعسى أموالهن أن تطغيهن، ولكن تزوجوهن عـلى الـدين، ولأمـة سواء ذات ديـن أفضل ( ابن ماجة ) .
* وهنا أيضـا نجـد بـأن الإسلام يؤكد على أفضلية المرأة الأمة ذات الخـلق والـدين عـلى المـرأة الغنيـة والجميلة وفي ذلك عمق سيكولوجي وأخلاقي في بالغ العظمة والدلالة.
* جاء في الحديث النبوي الشريف : ” من تزوج امرأة لعزهـا لـم يـزده الله إلا ذلا . ومن تزوج امرأة لمالها لم يـزده اللـه إلا فقـرا . ومـن تزوجها لحسنها لم يزده الله إلا دناءة. ومن تزوج امرأة ولـم يـرد بهـا إلا أن يغض بصره ويحصن فرجه أو يصل رحمة بارك الله فيها وبارك الله فيه . وتفيض دلالة الجانب الأخلاقي فـي الأحاديث النبوية الكريمة فالأدب والخلق والدين هي الخصائص الحـميدة فـي المـرأة وهي من اجلها تطلب المرأة الصالحة.
* ومن الصفات التي يوحي إليها التراث الإسلامي مـا جـاء فـي الحـديث الكريم أيضا: ” عليكم بالأبكار فإنهن أعذب أفواها وانتق أرحاما واقـل خبئا أرضى باليسير ( رواه ابن ماجة والبيهقـي ) . وتشـير عبارة عذوبة الأفواه إلى عفة اللسان وطيب الكلام بينما تشير كلمة الخبء إلى المكر والخديعـة وكلمـة أرضى باليسـير إلى القناعـة و جميعـا قيـم أخلاقية سامية.
* وقد حذر عليه السلام من المرأة الفاسقة التي لا أخلاق لهـا ولا قيم فقال عليه السلام : إياكم وخضراء الـدمن ” فقـالوا : ومـا خـضراء الدمن يا رسول الله قال : المرأة الحسناء في المنبت السوء . فلا أفضل من منظور التراث من المرأة الصالحة ومواصفات المـرأة الصالحة هي : ” التي تسر الرجل إذ نظر إليها وتطيعـه إذا أمرها وتحفظـه إذا غاب عنها ”
* يرى الرجل أن أعظم النساء أحسنهن وجوهـا أرخـصهن مهـورا . وأشهر النساء هي التي يخرج الرجل من عندها كارهـا ويدخل إليها والها .
* والنساء أصناف منهن ” الأبكار ومن مواصفاتهن طيـب الفم وفتق الرحم ، وهي للرجل وليسـت عليـه ، ثـم الثيبـات المطلقـات وهـن للرجال لا عليهم ، أما ذوات الولد فهن قاتلات للرجـال عليهـم لا لهـم ” ومن مواصفاتهن حنانات أنانات حداقات ذوات ديات.
*ىوفي هذا الخصوص جاء في التراث أن ” لا تنكحها حنانة ولا منانة ولا عشـبة دار ولا كية القفا : الحنانة يكون لها ولد من رجل آخر تحنّ له . منانة تمـن على زوجها بالمال ، أنانه : تئن شوقا لزوجها السابق . عشبة دار : خـضراء الدمن وهي الجميلة في منبت سوء . كية القفا : وهي ذات السيرة السـيئة .
* وجاء في الأمثال العربية ما يؤكد أهمية المواصفات الأخلاقية فـي المرأة فالحياء خاصة أخلاقية ينشدها العرب وينسب الحيـاء إلى جماليـات المرأة يقال أحيا من فتاة . وفي مثـل آخـر قيـل يقـال أحيـا مـن كعـاب والكعاب من نتأ ثديها وبرز وهي الكـاعب . وقـد حـذر الـتراث مـن المـرأة الفاجرة والعاهرة والحمقاء جاء في التراث ” إياكم ونكاح الحمقـاء فإن نكاحها غرر وولدها ضباع .