المقالات »

من مقدمة كتابي : الإصابة بمن نزل بحمص الشام من الصحابة

من مقدمة كتابي : الإصابة بمن نزل بحمص الشام من الصحابة

“قالوا اتصبو إلى حمـــص فقلت لهم…. قـلـبـي بغير هــــواها غير خفـــــاق
مــــا حــمــــــص إلا يـــــد لله فــاتــنــة …. بوابل من عيون المجـــــد مغــداق
إن يذكر الدهر فرسان الجهـــاد فقـــد…. انجبت يا حمص منهم كلّ بـــراق”
مدخل
( كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور ) سبأ . 15
قال النبي ﷺ : ” ليبعثن الله تعالى من مدينة بالشام يقال لها حمص سبعين ألفاً يوم القيامة لا حساب عليهم ولا عذاب , يبعثهم فيما بين الزيتون والحائط في البرث الأحمر “. رواه أحمد .
حمص ـ مدينة ابن الوليد : كان أسمها ” أميسيا ” وقيل أن وجودها سابق لاسمها وربما جاء اسمها من الحمرة والخجل ، تشتهر بحسن موقعها الجغرافي المتوسط بين البحر والصحراء وأن تربتها تستعصي على العقارب .
وفي الحديث الشريف أنها من مدن الجنة حررها العرب المسلمون في 15 هــــ ـ 635 م بقيادة الصحابيين أبو عبيدة بن الجراح وخالد بن الوليد , ورحب أهلها بالفاتحين بقولهم المشهور : ” إن ولايتكم لنا وعدالتكم أحب إلينا من الظلم والقسوة التي نعيشها من قبل ” .
ويقال أن النبي ﷺ حدث عائشة أنه رأى رؤية بنزول ملك من السماء فبشره بشفاعة عدد كبير من أهلها .
وقد نزل فيها عدد كبير من الصحابة ، وتضم في ترتبها ما يزيد عن 400 صحابي , وفي بعض الروايات 900 صحابي على ما ذكر الثعالبي .
وفي منطقة الكثيب ( الكتيب بلغة أهل حمص ) وهي المقبرة التي تقع قرب باب سور المدينة الشرقي الشمالي ( باب تدمر ) على الطرق المؤدي إلى تدمر دفن الصحابة شهداء فتح حمص ولهذا سميت هذه المقبرة بالكتيب الأحمر , أما من مات فيما بعد من الصحابة والتابعين وخاصة بالطاعون ( الهواء الأصفر ) فقد دفنوا في مقبرة باب الدريب التي تدعى بالكتيب الأصفر , وهي المقبرة التي تقع أيضاَ قرب باب سور حمص الشرقي من ناحية الجنوب . التي فيها جامع وضريح الصحابيان وحشي وثوبان , وجامع وضريح أبناء جعفر بن أبي طالب , وجامع وضريح الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز. ولهذا حق لمدينة حمص أن يقال أنها مدينة طيبة فاضلة .
مقـدمة
حمص هي المدينة السورية الثالثة بعد العاصمة دمشق التي كانت عاصمة الأمويين ، وبعد مدينة حلب التي كانت عاصمة الحمدانيين الذين كان لهم باع طويل في رد هجمات الروم وخاصة في عهد أميرهم المشهور سيف الدولة الحمداني , وابن عمه الفارس الشاعر أبو فراس الحمداني الذي كانت قلعة حمص مقراَ له , وقتل ودفن قرب قرية زيدل من قرى شرقي حمص , و في بداية هذا القرن الحادي والعشرون تمّ نقل رفاته إلى قرب قلعة حمص , وأقيم له نصباَ تذكارياَ .
وحمص هي المدينة الثانية التي فتحها القائد الإسلامي سيف الله خالد بن الوليد من مدن سورية بعد فتح دمشق . فأحبها وأحبّته ، وعندما عزله عمر بن الخطاب عن ولاية قنسرين ، فضل الإقامة بحمص ، وقضى نحبه فيها ، وله فيها ضريح ومسجد كبير ، ولذا سميت حمص بمدينة ” ابن الوليد ” تيمنا وتبركا به ، ونسبة إليه رضي الله عنه .
تمتاز حمص بخصوبة أرضها ، ووفرة مائها ، واعتدال مناخها ، وتوسطها بين البادية شرقاً والبحر الأبيض المتوسط غرباً إضافة لما تضمنته من المنتزهات الجميلة والحدائق الغناء . ففي ضاحيتها الغربية تتجمع في واديها مياه نهر الأورند ( العاصي ) أعظم أنهار سورية ، وتتجه غرباً حتى بحر الروم في قرى جميلة . وفي الشرق والجنوب منها الخمائل الوارفة الظلال ممتدة على طول الطريق من حمص إلى تدمر ، ومن حمص إلى بعلبك ودمشق .
هذه الميّزات لحمص عن غيرها من البلاد الشامية جعل العديد من الصحابة الذين عرفوها ومن بعدهم التابعين يرغبون السكن فيها . وخاصة أن العديد من القبائل العربية كانت تقطنها قبل الفتح الإسلامي لها
ومما ذكره اليعقوبي : ” إن أهل حمص جميعاً يمنيون من طيء وكندة وحمير وكلب وهذيل وغيرهم من البطون ” .
وقال الهمذاني عن القبائل العربية التي سكنت الشام : ” إن جزت جبل عاملة تريد قصد دمشق وحمص وما يليها فهي ديار غسان من آل جفنة وغيرهم ، فإذا تياسرت من حمص عن البحر الكبير وهو بحر الروم . وقعت في أرض بهراء . ومنها تخرج إلى تدمر وهي جانب السماوة ( الحماد ) وما وقع في ديار كلب من القرى تدمر وسلمية وهي حميرية .
وقد ورد ذكر حمص قبل الإسلام وبعده ، ذلك مما يدل على أهمية موقعها الجغرافي والاستراتيجي .
وممن ذكرها قبل الإسلام امرؤ القيس الكندي(1) في رائيته التي مطلعها ( سما لك شوق …الخ )
لقد أنكرتني بعليك وأهلها =ولابن جريح في قرى حمص أنكرا
وممن ذكرها قبل الإسلام أيضاً الأعشى الكبير إذ يقول :
لقد طفت للمال آفاقه = عمان فحمص فأورشليم
فنجران فالسر من حمير = فإني مرام له لم أرم
وقد ذكر الرحالة الإدريسي حمص وقال فيها :
« أما أرض حمص فإن مدينتها حمص وهي حسنة في مستوى الأرض ، عامرة بالناس . والمسافرون إليها يقصدون بالأمتعة والبضائع في كل فن ، وأسواقها قائمة ، ومسرّات أهلها دائمة ، وخصبهم رغد ، ومعايشهم رخيصة . وفي نسائها جمال وحسن بشرة ، وشرب أهلها من ماء يأتيهم في قناة من قرب قرية جوسية . والمدينة منها على مرحلة مما يلي دمشق . ونهر الأورند المسمى المقلوب يجري على بابها بمقدار رمية سهم . ولهم عليه قرى متصلة وبساتين وأشجار وأنهر كثيرة ، ومنها تجلب الفواكه إلى المدينة . وكانت في مدة الإسلام من أكثر البلاد كروماً فتلف أكثرها ، وثراها طيب للمزروعات واقتناء الغلات ، وهواؤها أعدل هواء يكون بالشام ، وبها على القبة العالية التي في وسطها صنم نحاس على صورة الإنسان الراكب يدور مع الريح حيثما دارت ، وجميع أزقتها وطرقها مفروشة بالحجر ، وزراعتها مباركة كثيرة ، وزروعها تكتفي باليسير من المطر والسقي . وبها مسجد جامع كبير هو أكبر جوامع مدن الشام » .
كما أن الرحالة بن جبير خلال رحلاته زار حمص وكتب عنها ما يلي :
« حمص فسيحة الساحة , مستطيلة المساحة ، نزهة لعين مبصرها من النظافة والملاحة ؛ موضوعة في بسيط من الأرض ، عريض مداه ، لا يخترقه النسيم بمسراه ، يكاد البصر يقف دون منتهاه ، أفيح أغبر، لا ماء ولا شجر ، ولا ظل ولا ثمر ، فهي تشتكي ظمأها وتستقي على البعد ماءها ، فيجلب لها من نهر العاصي ، وهو منها بنحو مسافة ميل ، وعليه طرة بساتين تجتلي العين خضرته ، وتستغرب نضرته . ومنبعه في مغارة بسفح جبل فوقها بمرحلة يقابل بعلبك وهي على يمين الطريق إلى دمشق .
وأهل هذه البلدة موصوفين بالنجدة والتمرس بالعدو لمجاورتهم إياه ، وبعدهم في ذلك أهل حلب . وأحمد خلال هذه البلدة هواؤها الرطب ونسيمها الميمون ، فإن الهواء النجدي في الصحة شقيقه ، وبقبلي هذه المدينة قلعة حصينة منيعة ، عاصية غير مطيعة ، وقد تميزت وانحازت بموضعها عنها ، وبشمالها الشرقي جبانة فيها قبر خالد بن الوليد سيف الله المسلول ومعه قبر ابنه عبد الرحمن وقبر عبيد الله بن عمر . وأسوار هذه المدينة في غاية العتاقة والوثاقة ، مرصوص بناؤها بالحجارة الصم السود ؛ وأبوابها حديد ساسية الإشراف هائلة المنظر ، رائعة الإطلال والأناقة ، تكتنفها الأبراج المشيدة الحصينة . وفي المدينة مدرسة واحدة كبيرة ، وتجد في هذه البلدة عند اطلاعك عليها من بعيد في بسيطها ومنظرها وهيئة موضوعها ، بعض شبه بمدينة اشبيلية من بلاد الأندلس ، يقع للحين في نفسك خياله ، وبهذا الاسم سميت في القديم ، وهي العلة التي أوجبت نزول الأعراب من أهل حمص فيها حسبما يذكر ، وهذا التشبيه وإن لم يكن بذاته ، فله لمحة من إحدى جهاته ، ولقد سألنا أحد شيوخ هذه البلدة العلماء . هل فيها مارستان على رسم مدن هذه الجهات ؟ فقال وقد استنكر ذلك : حمص كلها مارستان(1) .
كما أن شيخ الربوة قد وصف حمص وجندها فقال :
« ومن جنود الشام حمص ؛ وهي مملكة حسنة وبها كرسي الملك ودار الإمارة ونيابة السلطنة . وهي أصغر ممالك الشام التركية وآخرها رتبة . وحمص مدينة قديمة ماؤها صحيح . ومن حسن بناء حمص أنه لا يوجد فيها دار إلا وتحتها في الأرض مغارة أو مغارتان وماء ينبع للشرب . وهي مدينة فوق مدينة . وأهل حمص يوصف عامتهم بقلة العقل ، ويحكى عن سوقتهم حكايات تشبه الخرافات »
وكرر أبو الفداء في تقويم البلدان ما كتبه غيره عن مدينة حمص ، ولكنه توسع عند ذكره بحيرة قدس فقال : « بحيرة قدس وهي بحيرة حمص . طولها من الشمال إلى الجنوب نحو مثلث مرحلة وسعتها طول السد حسبما نذكره . وهي مصنوعة على نهر الأورند . فإنه قد صنع في طرف البحيرة الشمالي سد بالحجر من عمارة الأوائل وينسب إلى الاسكندر . وعلى وسط السد المذكور برجان من الحجر الأسود . وطول السد شرقاً وغرباً / 1287 / ذراعاً وعرضه / 18 / ذراعاً ونصف . وهو حابس لذلك الماء العظيم بحيث لو تخرب السد لسال الماء وعدمت البحيرة وصارت نهراً . وهي في أرض مستوية تبعد عن حمص بعض يوم في غربيها ويصاد بها السمك » .
وإما ابن الوردي فقد كتب عن حمص ما يلي :
« وأما حمص فهي مدينة حسنة في مستوى ، مقصودة من سائر النواحي . وأهلها في خصب ورغد عيش ؛ وفي نسائها جمال فائق . وكانت في قديم الزمان من أكبر البلاد . ويقال إنها مطلسمة لا يدخلها حية ولا عقرب لأنها متى وصلت إلى باب المدينة هلكت . ويحمل من تراب حمص إلى سائر البلاد فيوضع على لسعة العقرب فتبرأ . وبها القبة العالية التي في وسطها صنم من نحاس على صورة إنسان راكب على فرس تدور مع الريح كيفما دارت . وفي حائط القبة حجر فيه صورة عقرب يأتي الملدوغ والملسوع ومعه طين فيطبعه على تلك الصورة ويضعه على اللدغة أو اللسعة فتبرأ لوقتها . وجميع شوارع المدينة وأزقتها مفروشة بالحجر الصلد . وبها جامع كبير » .
وقال ابن فضل الله العمري في ما ذكره عن حمص ما يأتي :
« كانت حمص معظّمة عند الروم وفيها كرسي ملكهم ، ولم يزل يشار إليها بالتعظيم ، وهي في وطأة ممتدة على جانب نهر العاصي في شماله .
والمدينة مبنية بالحجر الأسود الصغير ، وبها الحجر الأبيض أيضاً ، لكن الأكثر هو الأسود . ويستدير بها سور . وبها قلعة منيعة . وفي هذه القلعة قبلة العباس ؛ عليها صورة رجل من نحاس ، قد بسط يده وأشار بالسبة إلى موضع . وكانت هذه الصورة في الطرطوس . وكان في أهل حمص مصحف أمير المؤمنين عثمان فدفعوا المصحف إلى أهل الطرطوس وأخذوا هذه الصورة . وللمدينة من العاصي ماء مرفوع يجري إلى دار النيابة وبعض مواضع فيها ومنها الجامع الأعظم ؛ وهو جامع كبير ، حسن البناء وبه عمود يقال أنه من الكحل الأصفهاني . وفي المدينة مدارس ومساجد كثيرة وغير ذلك .
« وظاهر حمص أحسن من باطنها ؛ لا سيما في زمن الربيع ؛ وما يلبس به ظواهرها من حلل الربيع المتوحشة بالأزهار ما مد النظر ؛ ترنو بأحداق النرجس وثغور الأقاح ، ويتوسط بها البحيرة الصافية الماء والصافية السماء ذات السمك المنقول إليها من الفرات ( كذا ) حتى تولد فيها والطير المبثوث في نواحيها . وحمص تتلو إسكندرية مصر في ما يعمل فيها من القماش الفائق على اختلاف الأنواع وحسن الأوضاع » .
ولقد مرّ الرحالة ابن بطوطة في حمص وكتب عنها ما يأتي :
« سافرت إلى مدينة حمص ؛ وهي مدينة مليحة ، أرجاؤها مؤنّقة وأشجارها مورقة . وأنهارها متدفقة ؛ وأسواقها فسيحة الشوارع وجامعها مميز بالحسن الجامع ؛ وفي وسطه بركة ماء . وأهل حمص عرب ، لهم فضل وكرم وفي خارج هذه المدينة قبر خالد بن الوليد سيف الله ورسوله . وعليه زاوية ومسجد . وعلى القبر كسوة سوداء . وقاضي هذه المدينة جمال الدين الشربتي من أجمل الناس صورة وأحسنهم سيرة » .
وقال النووي في الجزء الأول من كتابه تهذيب الأسماء واللغات :
« حمص مدينة معروفة في الشام ، وهي من المدن الفاضلة : وفي حديث ضعيف : إنها من مدن الجنة : وكانت في أول الأمر أشهر بالفضل من دمشق »
وذكر الثعالبي : إنه نزل حمص تسعمائة رجل من الصحابة . وقال ياقوت في معجم البلدان إن أجناد الشام كانت خمسة . جند فلسطين وجند الأردن وجند دمشق وجند حمص وجند قنسرين .
وأورد البلاذري : سمى المسلمون فلسطين جنداً , وكذلك دمشق والأردن وحمص وقنسرين . وقال بعضهم : سميت كل ناحية لها جند يقبضون أعطياتهم بها جنداً

أهم القلاع والمناطق الأثرية في محافظة حمص

* تدمر : على بعد 160 كم شرقي حمص تربض عروس الصحراء تدمر وموقعها الجغرافي المتوسط جعلها سيدة التجارة بين بلاد الرافدين والبحر المتوسط . سكنها الإنسان الحجري القديم منذ خمسين ألف عام ق.م ثم سكنها الكنعانيون والآراميون ثم خضعت للرومان في القرن الأول الميلادي إلى أن فتحها خالد بن الوليد عام 633 م .
* قلعة الحصن :
وهي ربوة بركانية ارتفاعها عن سطح البحر 750 م . على يمين الذاهب من حمص إلى طرابلس ، تقع على بعد 60 كم من حمص . ليس هناك تاريخ واضح عن أول من بناها وما يعرف عنها أنها من قبل الميلاد بعدة قرون ، وكانت تسمى ( حمص الأكراد ) . وفي عام 1099 احتلها الصليبيون , وبقوا فيها حتى عام 1110 م .
* قلعة حمص :
وتقوم في الطرف الجنوبي من حمص القديمة على رابية طبيعة .
* جامع الصحابي خالد بن الوليد :
من المؤكد أن الصحابي البطل العظيم خالد بن الوليد توفي في حمص ، لأنه أعجب بمناخها . وقد بنى له الظاهر بيبرس مسجداً فوق ضريحه ثم جدد في عهد السلطان عبد الحميد الثاني على يد والي الشام ناظم باشا وانتهى في عام 1331 هـــ على الطراز العثماني فكان في غاية الروعة .
* جامع الصحابي عكرمة بن أبي حهل :
ويقع في الجهة الجنوبية للمدينة , وسميت الحارة باسمه : ( حارة عكرمة ) .
* جامع الصحابيين وحشي وثوبان :
ويقع الجامع في الجهة الجنوبية الشرقية للمدينة
* جامع الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز :
ويقع الجامع في الجهة الجنوبية الشرقية للمدينة في منطقة الكتيب الأصفر
* جامع أبناء جعفر بن أبي طالب :
ويقع الجامع أيضا في الحهة الجنوبية الشرقية للمدينة في منطقة الكتيب الأصفر . قرب جامع الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز


تاريخ المقالة:

مصنفة في:

,