نحن الآن في يوم ذكرى نكبة فلسطين 15 مايو/ أيار 1948 . التي مضى عليها سبعون عاما بالتمام والكمال . في مثل هذا اليوم انهى الجيش الإنكليزي انتدابه لفلسطين , وسلم مراكزه وثكناته للعصابات الصهيونية كالهاكانا وغيرها. وعلى أثر ذلك دخلت سبعة جيوش عربية بتفويض من الجامعة العربية لطرد العصابات الصهيونية , والنتيجة كانت هزيمة تلك الجيوش , وسقوط حيفا وعكا وغيرها من المدن الفلسطينية , وتشريد أهلنا أهل فلسطين .
وبهذه المناسبة لا نريد أن نذكر أسماء الرؤساء والقادة العرب عام 1948 وما قبل وإن كنت قد ذكرتهم في كتابي أسباب نكسة فلسطين الذي لم ينشر بعد . وإنما أريد فقط في هذه الذكرى أن أذكر لمحة عن أول رئيس دولة لإسرائيل وهو حاييم وايزمان
تقديم :
يعد حاييم وايزمان أشهر الشخصيات الصهيونية بعد هرتزل ، وقد لعب الدور الأهم في استصدار وعد بلفور الشهير عام 1917 , وكان رئيسا للمنظمة الصهيونية العالمية منذ عام 1920 حتى عام 1946, ثم انتخب كأول رئيس لدولة إسرائيل عام 1949.
الميلاد والنشأة
ولد حاييم وايزمان في بلدة “موتول” في ولاية “بنسك” إحدى ولايات روسيا البيضاء عام 1874.
بدأ حياته الدراسية في معبد البلدة حيث درس مبادئ الدين والتاريخ اليهوديين واللغة الروسية ولغة “اليديش” التي كان يتحدث بها يهود روسيا. ثم أرسله أبوه إلى مدرسة “البولتيكنيكوم” الألمانية التي كانت تعتبر أشهر معاهد تدريس الكيمياء في أوروبا آنذاك وحصل منها عام 1899 على درجة الدكتوراه .
التوجهات الفكرية
آمن وايزمان بضرورة إنشاء وطن قومي لليهود يحفظ لهم هويتهم وكيانهم بدلا من الذوبان في المجتمعات التي كانوا يعيشون فيها . وقد وهب علمه وجهده وماله لتحقيق هذا الأمر،
مع جيمس آرثر بلفور
رفض وايزمان عام 1903 فكرة اختيار أوغندا مكانا بديلا لليهود ينشئون عليه دولتهم بعيدا عن فلسطين, وقال عام 1906 أثناء مقابلته جيمس أرثر بلفور “إن اليهود يعتقدون أن استبدال فلسطين بأي بقعة أخرى في العالم نوع من الكفر ، فهو أساس التاريخ اليهودي ، وسيأتي اليوم الذي سننجح فيه في استعادة بلادنا, فهذا أمر لا شك فيه”.
زعيما لتيار الصهيونية العالمية
انقسمت الحركة الصهيونية بعد فكرة أوغندا والمؤتمر الصهيوني السابع عام 1907 إلى قسمين: الصهيونية السياسية التي كانت تسعى للحصول على تصريح من السلطان العثماني قبل التفكير في العودة إلى فلسطين ، والصهيونية العالمية التي عملت على إحياء اللغة العبرية والاهتمام بالناحية الروحية وخلق واقع صهيوني في فلسطين.
دوره في وعد بلفور
ساعدت اكتشافات وايزمان العلمية خلال الحرب العالمية الأولى ــــــــــــــــــ وبالأخص مادة “الأسيتون” من تخمر المواد السكرية والنشوية , وهو المادة الآولية لصناعة القنابل الشديدة الانفجار ( بير أسيتون ) ـــــــــــــ في تقربه من القيادات السياسية والعسكرية البريطانية التي راح يلح عليها في استصدار قرار بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين فكان وعد بلفور عام 1917.
الجامعة العبرية
عام 1918 سافر إلى فلسطين ضمن وفد صهيوني قررت الحكومة البريطانية إرساله إلى هناك لدراسة الأوضاع على الطبيعة في ضوء تصريح بلفور وقد نصحه اللنبي قائد القوات البريطانية في فلسطين بزيارة الأمير فيصل ابن الشريف حسين أمير مكة وقائد الجيش العربي وقتئذ ، فقابله وقامت بينهما صداقة استمرت مدى الحياة . وفي تلك الزيارة وضع حجر الأساس للجامعة العبرية التي افتتحت بعد ذلك ( 1925 ) . ووقع الاثنين بينهما في 3 يناير ( كانون الثاني ) 1919 كجزء من مؤتمر باريس للسلام وثيقة أقل ما فيها إعطاء اليهود تسهيلات في انشاء وطن في فلسطين والإقرار بوعد بلفور
في عام 1920 انتخب المؤتمر الصهيوني الذي عقد في لندن آنذاك حاييم وايزمان رئيسا للمنظمة الصهيونية العالمية وظل يشغل هذا المنصب حتى عام 1946.
إنشاء الوكالة اليهودية
نص صك الانتداب البريطاني في فلسطين في مادته الرابعة على “إقامة وكالة يهودية معترف بها لتقديم النصح للإدارة البريطانية ، والتعاون معها في الميادين الاقتصادية والاجتماعية وغيرها فيما يتعلق بتأسيس الوطن القومي اليهودي . فدعا وايزمان المنظمات اليهودية العالمية للاجتماع عام 1929 لانتخاب أعضاء الوكالة وتم الاجتماع وانتخبت الوكالة وظهرت إلى الوجود في العام نفسه وأصبحت تتحدث باسم اليهودية العالمية.
موافقته على الكتاب الأبيض
وافق وايزمان على الكتاب الأبيض الذي أصدره رئيس الحكومة البريطانية أنذاك رمزي ماكدونالد عام 1930 على السماح بهجرة 40 ألف يهودي إلى فلسطين عام 1934 و62 ألفا عام 1935 .
وفي عام 1947 وأثناء إقامة وايزمان في الولايات المتحدة عرضت بريطانيا القضية الفلسطينية برمتها على الأمم المتحدة ، وركز وايزمان جهده لمتابعة مشروع تقسيم فلسطين كما عرض آنذاك .
دوره في إعلان قيام دولة إسرائيل
اتفق وايزمان ورئيس الولايات المتحدة الأميركية ترومان على خطة التقسيم التي ستعمل الولايات المتحدة بثقلها على إقرارها في داخل أروقة الأمم المتحدة ، واتفق معه على أن صحراء النقب ستكون تابعة لإسرائيل بعد أن أثبتت الأبحاث العلمية وجود المياه الجوفية بها وعلى أن يكون لإسرائيل منفذ على البحر الأحمر.
وصدر قرار التقسيم بالفعل في 29 / 11 / 1947 بموافقة 33 صوتا ضد 13 صوتا وقبل اليهود القرار على الفور لأنه أعطاهم الأرض التي كانوا يحلمون بها ، بينما قاوم العرب هذا القرار ولكي تتجنب واشنطن الغضب العربي والإسلامي تحايلت على الوضع فقررت في 19 / 3 / 1948 إعادة النظر في الأمر وعرض الموضوع على الجمعية العامة للأمم المتحدة لاتخاذ قرار بوضع فلسطين تحت الوصاية الدولية بمجرد انتهاء الانتداب يوم 15 مايو/ أيار 1948 ،
لكن كان رد وايزمان قاطعا ” إنني لا أقيم وزن لخرافة القوة العربية العسكرية ولا بد لليهود من إعلان استقلالهم في اليوم التالي لانتهاء الانتداب . وبالفعل في 14 مايو/ أيار 1948 أعلن بن غوريون قيام الدولة اليهودية واعترفت بها على الفور الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي . فكانتا أول دولتين تعترفان بإسرائيل .
واختير وايزمان عام 1948 رئيسا للمجلس الرئاسي المؤقت وفي عام 1949 انتخب كأول رئيس للدولة الإسرائيلية
وفاته
ألف وايزمان في عام 1949 كتابه الذي يتضمن سيرته الذاتية ” التجربة والخطأ ” وبعد صراع مع المرض توفي عام 1952 عن عمر يناهز 78 عاما.
أهم المعاهدات والاتفاقيات الدبلوماسية العربية الاسرائيلية
مؤتمر باريس للسلام 1919
اتفاقية فيصل – وايزمان 1919
اتفاقات الهدنة 1949
اتفاقية كامب ديفيد 1978
معاهد السلام المصرية الاسرائيلية 1979
مؤتمر مدريد 1991
اتفاقات اوسلو 1993
معاهدة السلام الأردنية الاسرائيلية 1994
المصدر الرئيسي :
– كيف يفكر زعماء الصهيونية ، أمين هويدي ، دار المعارف بمصر،
دليل الصور :
1 – السلطان العثماني عبد الحميد
2 – هيرتز مؤسس الحركة الصهيونية
3 و4 و5 – حاييم ويزمان الرجل الثاني بعد هيرتز , وأول رئيس لدولة إسرائيل
6 –تقسيم الوطن العربي حسب إتفاقية سايكس – بيكو
7 – الأمير فيصل الأول وحاييم وايزمان ( على اليسار, يرتدي الزي العربي إشارة للصداقة )
8 – صورة من هجرة اليهود إلى فلسطين
9 – صورة من هجرة العرب من فلسطين
10 – بوش الابن يستقبل خامات اليهود في البيت الأبيض