المقالات »

قصة كتاب : كتاب معجم المواد الداخلة في صناعة : العطور والصابون والتجميل

2 – كتاب معجم المواد الداخلة في صناعة : العطور والصابون والتجميل
في زيارة لي لمكتبة جامعة { لوند } , وهي أقدم جامعة في السويد , ومنها تخرج { نوبل } , وقع بين يدي معجم باللغة الانكليزية عن العطور ومكسبات الطعم وموادها الاولية , فأعجبني الكتاب , واستطعت الحصول على نسخة منه من إحدى مكاتب مدينة هلسنجبورج , وخلال إقامتي في السويد 1993- 1996 قمت بترجمة وكتابة العديد من الكتب , ومنها هذا الكتاب الذي يبحث عن التكوين الكيميائي لمعظم العطور ومكسبات الطعم .
في هذه الفترة سافرت من السويد للوس انجلوس في ولاية كاليفورنيا بأمريكا , لمدة عشرة أيام , بدعوة من طبيب عربي قريب وصديق لي هناك . زوجة هذا الطبيب أمريكية , ووحيدة أبيها , الذي يملك محلات في كافة الولايات الامريكية لبيع مواد طبيعية يحتاجها الجسم للتجميل والتنظيف بما يسمى هناك Body Shop . في لقاء على العشاء معها وزوجها طلبت مني أن أؤمن لها من سورية بصورة مبدئية كمية مائة طن صابون زيت زيتون طبيعي { وسورية مشهورة بذلك كما تعلم من زوجها } , على أن يعطر هذا الصابون بــــ 2 % عطر الكاموميل { عطر البابونج } , حيث أن مادة { الآزولين } وهي المادة الاساسية الفعالة الموجودة في عطر البابونج , لها أثر بفتح مسامات الجلد وإزالة الأوساخ تماما كما يغعل كيس الحمام المعروف , فوعدتها خيرا ,
غادرت لوس اجلوس مباشرة إلى باريس , حيث أعرف عدة شركات عطور في باريس , ومرسيليا وجراس ونيس , طلبت من إحداها وهي الكبرى تقديم عرض لي بمقدار 2 طن عطر البابونج . وبعد أن قدموا لي عدة نماذج فاخترت إحداها . طلبوا مني سعر 120 فرنك فرنسي للكيلو غرام الواحد , وهو سعر رخيص في أسواقنا . وبعد أخذ ورد بيني وبينهم , وانني لا أريد هذه الكمية في عبوات صغيرة بل في براميل سعة 200 كغ . وهي كمية كبيرة لصنف واحد . فتنازلوا إلى 100 فرنك للكيلو غرام الواحد . عندها اقترب وقت الغذاء , فدعوني إلى مطعم عربي تونسي قريب , على أن يعطوني الفاتورة الاولية بعد عودتنا من المطعم . فوافقت ولكن بيّت في نفسي أمرا لبعد الغداء .
دخلنا المطعم , فقلت لصاحبه وهو يتكلم العربية . هل عندك الاكلة المشهورة في بلاد المغرب العربي وهي الكسكس , فقال لي للاسف لا , وتابع كلامه من أنت ؟ قلت له أنا من سورية , قال الان وصلنا . فقلت وصلنا لماذا ؟ قال : أنتم في سورية تصنعون العرق من العنب , وفي العراق من التمر , أما نحن في تونس فنصنعه من التين , وهو عرق لا يضاهيه آخر , فقلت له الله لا يعطيك العافية , مطعمك الذي تحمل لافتته اسم : المطعم التونسي هو لبيع عرقكم المخصوص ترفع به اسم تونس ورايتها , وتابعت كلامي أنا لا أشرب أي مسكر , والفرنسيون أنفسهم لا يشربونه على الغداء لأن لديهم عودة عمل , وإن شربوه فمساء على العشاء , كنت أرغب مغادرة المطعم , ولكن بقينا فيه وتناولنا طعاما فرنسيا : لحمة بفتيك وبطاطا مقلية وسلطة وعدنا إلى الشركة .
حيث أعدت السكرتيرة الفاتورة الاولية , على أساس سعر الكيلوغرام 100 فرنك فرنسي . أستلمت الفاتورة , وقلت لهم متعجبا ومستغربا . ما هذا الذي اتفقنا عليه قبل الغداء ؟ , فأنا فهمت انكم تنازلتم لسعر 20 فرنك للكيلو الواحد . قالوا كلهم وبصوت واحد وكانوا ثلاثة أتباحث معهم هذا غير ممكن وغير معقول . قلت لهم لا بد أن أحدكم فني إنتاج , فمن معلوماتي المتواضعة في صناعة وتراكيب العطور أعلم أن عطر البابونج هذا مؤلف من ثمانية مواد بنسب مختلفة {{ وهذا ماعرفته وعلمته من ترجمتي , لكتاب العطور ومكسبات الطعم وموادها الاولية }} توضع في البرميل ويدحرج البرميل فإذا هو عطر البابونج المطلوب بدون أي تفاعل . وعددت لهم أسماء هذه المواد ومن يبيعها وأسعارها في أوربا , فالكيلو غرام الواحد يكلف 10 فرنكات فقط , وإذا كان ربحكم 100% فالسعر هو 20 فرنكا , فهذا ما فهمته قبل الغداء , فإن بعتموني على هذا السعر فقد اشتريت , وإلا فأنا سأعود للسويد وأنتج هذا العطر هناك وأعطيه اسم : صنع في السويد . ولكم مني غداء إن جئتم سوريا , طعاما سوريا لن تنسوا لذته في حياتكم , استأذنوني لدقائق وعادوا قائلين لقد بعناك سيد كاخيا , ولكم لنا شرط أن لا تذيع هذا الخبر, لأن المشتري منكم منا , ومن غيرنا , عطورا أو غيرها , لا يدفع ثمن البضاعة بل يدفع ثمن جهله ,
كتاب العطور ومكسبات الطعم وموادها الاولية هذا , أخذت حق طبعه ونشره دار علاء بدمشق منذ عام 2003 م , لا كن لا أعتقد أن أحدا اقتناه أو قرأه أو طبّقه . منذ ذلك الحين , لأنه ليس لدينا وقت للقراءة . بل لدينا متسع من الوقت 4 ساعات على الأقل لتدخين الأركيلة { المداعة بلغة اليمن } ,
وهذه المواضيع التي نشرتها عن العطور في الفيس بوك , في سبعة أجزاء وأيام مأخوذه من كتابي هذا . فعودوا إليه إن شئتم . بل عودوا للقراءة أمة إقرأ . جزاكم الله خيرا .


تاريخ المقالة:

مصنفة في:

, ,