المقالات »

صفحات من ذكرياتي : ولدت مرتين

الولادة الأولى :

كانت في مثل هذا اليوم السابع عشر من هذا الشهر حزيران لعام 1938 أي لإحدى وثمانين عاما مضت في شارع الإمام الذهبي من حي باب هود , وفي الحديث : (( خيركم من طال عمره وصلح عمله )) , أرجو الله أن أكون منهم .
* درست الإبتدائية في المدرسة المسعودية لشيخي علامة حمص الشيخ طاهر الرئيس رحمه الله , وعلى يد ولديه المربين الفاضلين : عبد الكريم وعبد المغني رحمهما الله . ولا أنسى أساتذتي في هذه المرحلة الذين كان لهم الفضل في تربيتي وتعليمي وتوجيهي , الأساتذة المربون الأفاضل : نجاح الأتاسي , جهدي الأتاسي , عبد الفتاح حماده , الشيخ مجاهد عبارة , عبد الودود التيزيني ( صاحب ورئيس تحريرجريدة الينبوع الحمصية , رحمهم الله جميعاً . هذه المدرسة التي تخرج منها العديد من رجالات حمص المبرزين من : أطباء , ومهندسين , ورجال أعمال , ومدرسين , وضباط برتب عالية .
* ودرست الإعدادية في التجهيز الثالثة على يد مديرها مدرس التاريخ الأستاذ المربي محمد الدروبي , ومدرس الادب العربي الأستاذ عطا االله مغامس , ومدرس التربية الإسلامية الشيخ الأستاذ نصوح حسني السباعي . ومدرس مادة الرسم الاستاذ عبد الظاهر مراد الذي حبب إلينا الرسم والتصوير . ومدرس الرياضة الاستاذ سميح السباعي ( أبو بدر ) الذي حبب إلينا لعب كرتي القدم والسلة , وهو أحد مؤسسي نادي الكرامة في حمص مع المرحوم ساطع بن حسني الأتاسي . رحمهم الله أجمعين .
* ودرست الثانوية الصف العاشر في التجهيز الاولى ( ثانوية عبد الحميد الزهراوي الآن ) على يد مديرها مدرس الأدب العربي الأستاذ المربي عبد العليم صافي . ومدرس الأدب العربي الأستاذ محي الدين الدرويش . ومدرس الكيمياء الأستاذ لطفي كرومة . ومدرس التربية الإسلامية العلامة الشيخ فتح الله القاضي مفتي مدينة حمص فيما بعد . رحمهم الله أجمعين .
* ودرست الثانوية الصف الحادي عشر والثاني عشر فرع الرياضيات في التجهيز الثانية ( ثانوية خالد بن الوليد الآن ) على يد مديرها مدرس الجغرافيا المربي الفاضل الأستاذ يوسف شلب الشام الذي أصبح الملحق الثقافي في السفارة السورية بمصر قبيل واثناء الوحدة مع مصر , وكان سفيرنا هناك السفير عبد الرحمن العظم , ولي معهما ذكريات حين دراستي الجامعية في جامعة عين شمس في القاهرة , أهمها تأسيس إتحاد طلبة الإقليم الشمالي ( سورية ) هناك وكنت أول رئيس له . ولا أنسى في هذه المرحلة الثانوية مدرس علم الرياضيات الأستاذ العلامة الفذّ وائل الأتاسي , ومدرس علم الفيزياء الأستاذ العلامة الفذّ رياض كلاليب . رحمهم الله أجمعين .

الولادة الثانية :

كانت في مثل هذه الأيام من هذا الشهر حزيران لعام 1959 أي لستين عاما مضت وكنت وقتها طالبا مترفعاً للسنة الثانية في كلية علوم جامعة عين شمس فرع : رياضيات فيزياء كيمياء ( ر , ف , ك ) . وإن نسيت لكبر عمري , فلن انسى عميد الكلية عالم النبات الأستاذ الدكتور عبد الحليم منتصر . ورئيس قسم الكيمياء الأستاذ الدكتور رشاد رزوق , ومدرس الفيزياء الاستاذ الدكتور علي عبد الجليل راضي , ومدرس الرياضيات العالم الفذ الدكتور فؤاد محمد رجب أحد جهابذة علم الرياضيات‏ ,‏ وعملاق من عمالقة الدوال ( المتواليات ) الخاصة في العالم‏ ,‏ وأفتخر بأنني درست علم الرياضيات على يديه سنتين كاملتين مكملاً ما درسته على يد الأستاذ وائل أتاسي في المرحلة الثانوية في حمص , رحمهم الله جميعاً .
* أقول : أذن الله لي بقضاء فريضة الحج مع بعثة جامعة عين شمس إلى الحج وأنا في الحادي والعشرين من عمري , وفي الحديث : (( من حج ولم يرفث ولم يفسق عاد كمن ولدته أمه )) .
* وفي يوم عرفة , وعلى جبل الرحمة جبل عرفات إلتقيت بالشيخ سعيد الكحيل الذي كان يدرس في الازهر الشريف , وصافحنا بعض وتعانقنا وتآخينا في الله في أشرف مكان , وتعاهدنا أن لا تفرقنا الأيام عن بعض . فكان يناديني فيما بعد بأخي طارق , وكنت أناديه بأخي الشيخ سعيد . ثم إجتمعت وإلتقيت معه عام 1963 م في إعدادية هاشم الاتاسي في حمص , ومديرها أن ذاك المربي الفاضل محمد الجندلي رحمه الله , حيث كنت مدرسا فيها لمواد الكيمياء والفيزياء والرياضيات من الصف السابع حتى الصف التاسع , والشيخ سعيد مدرسا لمادة التربية الإسلامية رحمه الله .
* وفي طواف الإفاضة حول الكعبة , بغية الذهاب بعدها إلى المدينة المنورة لزيارة المسجد النبوي الشريف , ربّت أحدهم على كتفي بلطف , ولما التفت إليه فإذا هو جار الرضا في حمص الحاج عبد المجيد أبو عداب ( أبو محمد ناصر ) الرجل العلم الفذّ المشهور من أعلام رجال حمص , قائلا لي أهلاً بولدي طارق , ما شاء الله عنك , الحج فعلاً للشباب , وأطلب منك أن تزورني كلما جئت حمص فأنت الآن بمنزلة إبني ناصر , —- (( وهذا ماكان , فكنت كلما قدمت حمص أزوره في دكانه ( التي كانت بمثابة منتدى ) بشارع باب هود نهاراً وأسلّم عليه وعلى إبنه أخي محمد ناصر , وازورهما ليلاً في مضافته ببيته ( قناق ) في شارع حمام الذهب قرب بيتنا . وكلما دخلت دكانه أو مضافته يعرف من فيهما من أحبائه وزائريه عليّ بقوله : هذا طارق جار الرضا في البيت , تآخيت معه ونحن نطوف حول الكعبة )) —- .
* وتابع أبو ناصر رحمه الله كلامه ونحن نطوف : بعد الإفاضة سنسلم على شيخنا : عبد العزيزعيون السود حيث يجلس في الركن الشمالي للكعبة في ساحة مزراب الرحمة , وهذا ما كان حيث دعى لي الشيخ عبد العزيز عيون السود : بطول العمر والصحة والعافية وصلاح العمل والعلم اللدنّي وأن يرزقني ببنت الحلال لأكمل ديني . وانا والله أعيش ببركة هذا الدعاء , ووعدته أن أكون ملازما له في حمص , ودرست عليه كتاب الهدية العلائية في الفقه الحنفي , وبعض قواعد وأحكام تجويد القرآن الكريم , وألقى الله في قلب الشيخ وقلبي محبتنا لبعض فهو يحبني وأنا أحبه , وهو الذي شجعني على الزواج المبكر , ودلًني على كتب ومواضيع فقهية عن الزواج من مكتبته كانت مراجعي في تأليف كتابي : ( الزواج الإسلامي ) الذي كانت طبعته الأولى ومراجعته من قبله رحمه الله عام 1960 م ولا يزال الكتاب يطبع وبدون تعديل حتى الأن 2019 م من قبل دار الفكر ثم دار الغزالي بدمشق , وأبى إلا أن يجرى هو عقد زواجي عام 1960 م بدلا عن القاضي الشرعي رغم وجود القاضي الشرعي , وأهداني نسخة من القرآن الكريم بطبعة فاخرة لا أزال أحتفظ به , قائلا : إجعلا كتاب الله أنت وزوجك نبراسا ودستورا لكما في حياتكما . كان عمري آن ذاك إثنا وعشرين عاما .
مضى على هذا الزواج ستّين عاما إلا قليل , رزقنا بستة من الولد ( إبنتين , وأربعة من الذكور ) , وهم بحمد الله من الأولاد البارين وعلى قلب واحد , وجميعهم تزوجوا ورزقوا ببنين وبنات , ولي منهم : ثمانية عشر بين حفيد وسبط .


تاريخ المقالة:

مصنفة في:

,