2 – الشيخ المجاهد أبو السعود عبد السلام بسمار
هو أستاذي وشيخي في أصول قراءة القرآن , بل أستاذ الجيل ، هو العلاَّمة , والفقيه الشافعي المحقِّق , والمُقرئ , والمجاهر بالحق , الشيخ أبو السعود ( 1319/1901- 1418/1998 ) , أبو فاروق , ابن العلاَّمة والفقيه الشيخ محمد الياسين عبد السلام بسمار .. كان رحمه الله مدرسا في الجامع النوري الكبير في حمص , وخطيب جامع التوبة في وسط شارع باب هود . وكثيرا ما كان يطلب مني أن أصعد المنبر وأخطب الجمعة بدلا عنه وبوجوده ., وكنت وقتها طالبا في الثانوية العامة . تشجيعا وتقديرا منه لي .
وله الفضل في تزويجي إبنة إبنة أخته , وكنت وقتها طالبا في كلية العلوم بجامعة عين شمس بالقاهرة , لا حول لي , ولا قوة , ولا سيارة , ولا عمل . ولا بيت سوى غرفة متواضعة في دار أهلي , ولا دخل سوى ما آخذه من والدي رحمه الله , قائلا لإبنة أخته التي كانت لابد من أن تأخذ راي خالها في زواج ابنتها مني : { هذا الذي يعطى ولا يرد , إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه , والانسان مرزوق , وليس رزاق , الرزاق هو الله سبحانه وتعالى } .
كان ذلك في عام 1960 م . وألفت عندها كتابي الاول : ( الزواح الاسلامي ) . لأبني أسرتي على أسس إسلامية صحيحة , والذي تبنت طباعته ونشره دار الفكر بدمشق , ومن بعدها دار الغزالي بدمشق , والكتاب لا يزال يطبع وينشر حتى تاريخه ,
وتم الاتفاق وأجرى مراسم عقد الزواج شيخي وأستاذي أيضا شيخ حمص, العلامة شيخ القراء المرحوم عبد العزيز عيون السود كما ذكرت عندما تكلمت عن سيرته رحمه الله . حيث أهداني نسخة من القرآن الكريم بطبعة فاخرة , قائلا : إجعلا كتاب الله أنت وزوجك نبراسا ودستورا لكما في حياتكما . وهذا ما كان .
وكان من بركة هذا الزواج , ونحن الان في عام 2017 م أي بعد سبعة وخمسون عاما . أن رزقنا ببنين وبنات وحفدة صالحين , وعلم واسع , ورزق حلال وفير, إلى جانب الصحة والعافية والبركة . والجمد لله رب العالمين .
و للشيخ أبو السعود رحمه الله مواقف وطنية ودينية مشرّفة أيام الانتاب الفرنسي لسورية ، جاء بعضها في كتاب { الحركات الإسلامية والتطورات السياسية في سورية } تأليف المستشرق الالماني : { يوهانس رايسنر ) هذا الكتاب الذي نقله من الألمانية إلى العربية . الدكتور محمد إبراهيم الأتاسي شافاه الله وعافاه . وكان لي شرف المراجعة اللغوية والتاريخية للنسخة العربية التي طبعت في بيروت .
جاء في الصفحة 67 من الكتاب ما يلي بتصرف :
تشكلت في حمص عام 1934 الرابطة الدينية لشباب محمد من قبل شخص يدعى : {{ ابو السعود عبد السلام }} عضو جمعية العلماء . التي تحولت فيما بعد لإسم جمعية الشبان المسلمين ، يتبين ذلك من الرسالة الموجهة من محافظ حمص الى وزير الداخلية السوري بتاريخ 7 شباط 1939، والتي مازالت محفوظة في مركز الوثائق التاريخية في دمشق ، يحيطه بها علما عن رسالة موجهه من قبل جمعية العلماء وجمعية الشبان المسلمين الى رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والمندوب السامي الفرنسي . هذه الرسالة كانت موقعة من ابو السعود عبد السلام .
وقد احتج فيها ضد :
1- نظام الطوائف دون ان يذكر المراد من ذلك تماما
2- اقحام النفوذ الاجنبي في الامور الدينية
3- استعمال كتب لتدريس التاريخ في المدارس الفرنسية تحتوي على انتقادات لشخصية الرسول ( صلى الله عليه وسلم )
وعُرف أبو السعود رحمه الله تعالى بقوة حجته في المناظرة وسرعة استحضار الدليل في مجالساته العلمية بالنص القرآني , وكان في حديثه لا يتكلم إلاَّ في الأمور الشرعية , صحيح الأخذ بالكتاب والسنة , مثابراً على العلم وتعليمه وتلقينه وتوضيحه , والتحقيق في فروعه وأصوله , غزير العلم والمعرفة طلق اللسان , حسن التعبير , وقد آتاه الله تعالى بلاغة في الحديث وفصاحة العرب في النطق , وله مقدرة في المناظرة واستحضار الدليل في غاية الجزالة , لغزارة علمه وقوَّة حفظه وتبحره بالعلم , وكأنه يقرؤها بصحف مكتوبة , وهو من القلَّة ممَّن يتمتعون بهذه الخصوصية , وهذا دليل واضح على هِمته العالية في طلب العلم والمعرفة , وشغفه الكبير في المطالعة والبحث والتَّحقيق ,
من أقواله رحمه الله :
* العلماء أمناء الله على خلقه . فهم مصابيح الأرض ، وخلفاء الأنبياء ، وورثة الأنبياء .
* حقيقة العبودية لله تعالى لا تكون إلا بالطاعة . والطاعة لا تكون إلا بصدق المحبة لله تعالى والرسول الأعظم ,
المقالات »