المقالات »

المواد الكيميائية في الحروب

المواد الكيميائية في الحروب هي سلاح ذو حدود عدة , فإما أن تستعمل للهجوم والانتصار على الأعداء , أو أن تستعمل للدفاع عن الأنفس والمدن ضد هجمات الأعداء , أو أن تستعمل لوقاية الجند ومعالجتهم من الأمراض والجروح , وإما أن تستعمل لزيادة إنتاج الحبوب والغلال والأغذية التي تحتاجها الأمة بصورة أكبر في المجاعات والحروب والكوارث .
والكيمياء هي الفاصل في الحروب , فالجيش الذي بين جنوده من هو خبير في الكيمياء , ويملك ذخائر وأسلحة أكثر من ناحية الكم والكيف هو المنتصر في معظم الأحيان .
خذ مثالاً على ذلك :
* جيش قتيبة بن مسلم الباهلي الذي توجه إلى بخارى ليفتح ما تبقى من بلاد ما وراء النهر , وما أن وصل الجيش المسلم إلى بخارى وعبر النهر حتى علم به أهل البلاد فدقوا طبول الحرب واستنفروا الناس لقتال المسلمين فأخذت الجموع تتدفق عليهم حتى بلغوا أضعاف أضعاف المسلمين عددا وعدة وسدوا أفواه الطرق في وجوه المسلمين وأغلقوا كل المسالك والثغور . وعسكر قتيبة بالقرب من مدينة ( بيكند ) المانعة حصونها محاصرا أياها لا يتحرك , وكان هذا هو الحال طوال شهرين كاملين حتى صار قتيبة في حيرة من أمره أيحجم عن القتال أم يقدم , هنا أشار عليه محمد ابن واسع وكان له خبرة في البناء , قائلا إن صخور السور هي حجارة كلسية , إقذف بما جمعناه من حطب وخشب لفصل الشتاء ( وبرد الشتاء هناك قارصا َ) على جهة معينة من السور, ثم أشعله , واكتم سرّ ماتفعله عن الجند فإن الحرب خدعة , وعندما إشتعل الحطب والريح تدفع لهيب النار على السور لأيام عدة . وهمدت النار بعد أن تم حرق الخشب بكامله , والسور لا يزال كما هو , وأهل المدينة يضحكون على المسلمين بما فعلوا .
هنا قال قتيبة : أين محمد بن واسع ؟ , قالوا : إنه في الميمنة أيها الأمير متكئ على رمحه شاخص ببصره يحرك أصبعه نحو السماء , أنناديه لك أيها الأمير؟, فقال : لا.. بل دعوه , والله إن تلك الأصبع أحب إليّ من ألف سيف شهير يحملها ألف شاب طرير . اتركوه يدعو فما عرفناه إلا مستجاب الدعاء..أبشروا فقد جاء النصر . فلما لبسوا إلا قليلا إلا هطل المطر وإنهدم جانب السور , لأنه كان من حجارة كلسية إنشوت وتحولت إلى كلس تفتت وذاب بماء المطر.
قال قتيبة لإبن واسع : ماذا كنت تفعل عند الميمنة ؟ . قال له : أتخذ لك بقية أسباب النصر. فالنصر يكون باتخاذ العدة أولا , ثم الدعاء ثانية .

* والكيمياء هي التي انتصر الإنسان بفضلها على الأوبئة والأمراض التي يزداد انتشارها وقت الحروب والكوارث .
* والانسان في العصر الحالي هو الانسان في القرون الماضية , فهو المدمر , وهو المبيد , وهو المبتدع لوسائل الإفناء , وهو المتفنن في التخريب والقتل . ولكن الانسان الحالي هو أشد فتكاً وأعمى بصيرة من إنسان القرون الماضية , فلقد اتخذ العلم مطية لاشباع شهوته وغرائزه في الشر والفتك , والحضارة مقضى عليها إذا لم يوجه العلم وقواه نحو البناء والعمران والأمن والسلام والاستقرار .
خذ مثالاً على ذلك :
قارون موسى الذي خرج على قومه في زينته , فخسف الله به وبداره الأرض , فقد كان كيميائياً , وغناه جاء كما يقول هو : قد أوتيته على علم عندي , فقد كان عالماً بالكيمياء وأسرارها واستخراج دفائنها , ولكن تجاربه وأعماله جاءت عليه بالويل , فأخطأ في بعضها , فانفجرت وخسفت به وبداره الأرض .
والاستعمار القديم والحديث في أفريقيا وآسيا وغيرها من مناطق العالم ما هو إلا لنهب ثروات الأمم وخاصة مايتعلق منها بالمعادن والفلزات الدفينة : كالذهب والفضة واليورانيوم والمغنزيوم والكوبلت والألمنيوم والنحاس والكروم والنيكل والحديد والبترول والغاز الطبيعي وغيرها .


تاريخ المقالة:

مصنفة في:

,