المقالات »

الفصل الثالث : الخواص الفيزيائية والكيميائية لغازات الحرب

الفصل الثالث : الخواص الفيزيائية والكيميائية لغازات الحرب

أولا – الخواص الفيزيائية Physical Properties
إن الخواص الفيزيائية الأساسية اللازم توفرها في مادة من المواد والمعتبرة عند تقدير الفائدة العملية لتلك المادة والمستعملة كغاز حربي هي كما يأتي :
1 – التوتر البخاري : Vapour tension
إن المواد الصلبة والسائلة لها جميعاً ميل معين Definite tendency للانتقال إلى الحالة الغازية . وبسبب هذا الميل تتكون طبقة من البخار ، فوق كل مادة ، تحدث ضغطاً يعتمد مقداره على درجة الحرارة . وهذا الضغط هو ما ندعوه بالتوتر البخاري ، ويعبر عنه بالمليمترات الزئبقية .
وفي حالة الغازات الحربية ، فإن لهذا الثابت الفيزيائي أهمية خاصة . وحتى يكون الغاز ذا فائدة في الحرب ، أو على الأقل يصلح كعامل سمي على جهاز التنفس ، ينبغي على الغاز أن يكون ذا ضغط مرتفع في الدرجات العادية من الحرارة ، حتى يمد الجو بكميات كافية وبصورة يتمكن معها من إحداث النتائج المطلوبة .
2 – التطاير ( التبخر) :Volatility
ونعني بدرجة التطاير ( التبخر) لمادة من المواد وزن المادة بالمليغرامات التي يحتويها متر مكعب من البخار المشبع بدرجة معينة من الحرارة . وأحياناً تقدر درجة التطاير بالمليمترات المكعبة من المادة الموجودة في متر مكعب من الهواء . ومن الجدير بالذكر أن درجة التطاير لمادة من المواد هي من العوامل الهامة في انتقاء الغازات الحربية وتقدير صلاحيتها .
3 – نقطة الغليان:Boiling point
إن نقطة الغليان لمادة من المواد هي الدرجة التي يصبح فيها الضغط البخاري لتلك المادة مساو للضغط الجوي . وكلما كان التوتر البخاري لمادة كبيراً ودرجة تطايرها عظيمة كلما انخفضت نقطة غليانها .
وهذا الاختلاف في نقاط الغليان بالإضافة إلى الاختلاف في الآثار التي تركها هذه الغازات في الكائن الحي ، تفسر لنا التنوع في النماذج المستخدمة من الغازات في الحرب . وعلى هذا فإن المواد التي لها نقاط غليان منخفضة نسبياً هي المفضلة في الحرب عندما يراد الحصول على تركيز غازي مرتفع في مدة قصيرة ، بينما يلجأ إلى استخدام الغازات ذات نقاط الغليان المرتفعة نوعاً ما عندما يراد الحصول على تأثير عميق.
وعلى هذا فإن الغاز الحربي الذي نقطة غليانه أقل من درجات الحرارة العادية ، كما هو الحال في الفوسجين ، يكون من الصعب خزنه ونقله ومن الضروري استعمال جهاز مبرد أثناء نقله من شأنه أن يخفض من درجة الحرارة إلى درجة أقل من الدرجة التي يغلي فيها . وإن تفضيل الألمان في الحرب العالمية الأولى لثلاثي كلورو ميتيل كلورو فورمات Tri chloro methyl chloro fomate على الفوسجين كان نتيجة للصعوبات التي يلاقونها من جراء انخفاض نقطة غليان الفوسجين.
4 – نقطة الانصهار: Melting point
إن نقطة الانصهار لمادة من المواد هي الدرجة التي يكون فيها المظهر الصلب للمادة والمظهر السائل لها في حالة توازن .
إن نقطة الانصهار عامل هام في استعمال الغاز في الحرب ، لأن علها يتوقف إمكانية استعماله عملياً ومن السهل أن نفهم بأن المواد التي هي صالحة للاستعمال تماماً عندما تكون حالتها البخارية وتؤدي إلى النتائج المرغوب فيها في الحرب ، لا يمكن استخدامها بصورة فعالة في الأقاليم الباردة عندما يكون لها نقاط انصهار مرتفعة ونضطر في سبيل الحصول على الفائدة المرجوة اللجوء إلى طرق خاصة كأن نخلط المادة بمواد اخرى من شأنها أن تخفض نقطة الانصهار . وهكذا نرى أن ثنائي كلورو ايثيل كبريت Dichloroethyl sulphide المعروف باسم الصليب الأصفر ينصهر عندما يكون نقياً في الدرجة 14˚ مئوية لذلك شاع استعمال محلوله في كلور البنزين خلال الحرب وذلك لانخفاض درجة انصهار المحلول .
5 – الثبات : Persistence
ونقصد بكلمة الثبات ( أو المثابرة ) الوقت الذي تستمر خلاله المادة في إظهار تأثيرها ( مفعولها ) في مكان مكشوف open space .
ومن بين العوامل العديدة التي تؤثر على ثبات الغاز نذكر سرعة تبخر المادة ، درجة حرارة الهواء ، رطوبة الجو , والطبيعة الفيزيائية والكيميائية للأرض .

ثانيا – الخواص الكيميائية : Chemical properties
إن الخواص الكيميائية الأكثر أهمية في تقدير صلاحية مادة من المواد للاستعمال الحربي هي التالية :
1- الثبات تجاه العوامل الجوية والكيميائية :
Stability to atmosphere and chemical agencies
على الغاز الحربي أن يتصف بجملة صفات كيميائية نذكر من بينها أن يكون الغاز مقاوماً بصورة حسنة إلى العوامل المختلفة التي يمكن أن تأتي في تماس الغاز عملياً والشيء الهام في هذا الموضوع أن يكون الغاز الحربي عديم التأثر بالعوامل الجوية . وعلينا أن نشير أنه على المواد الحربية أن تكون عديمة التأثر بالأكسجين في الدرجة الأولى وعلى كل حال فإن عدداً كبيراً من المواد يتحلل بسرعة تختلف من مادة لأخرى بتأثير الرطوبة الجوية ، أما تأثير ماء المطر على هذه المواد فينحصر في تفكيكها . فبعض المواد تتفكك decompose بسرعة تحت تأثير الماء ( فوسجين ، ثنائي كلورو ميتيل ايتر، إلخ …) والبعض الآخر يتفكك ببطء ( ثاني كلورو ايتيل الكبريت ، أو الصليب الأصفر ) . وبعضها يتفكك ببطء كبير نذكر منها ( بروم البنزيل ، يود البنزيل ، بروم الزيليل Xylyl bromide ) بينما لا تتأثر بعض الغازات بالماء بتاتاً ومنها ( Iodo acetone , chloroacetone , chloropicrin ) .
وبصورة عامة فإن المركبات التي يدخل الأكسجين في تركيبها هي الأكثر ثباتاً من المركبات المماثلة والتي تحتوي على الكبريت بدلاً من الأكسجين ، وثبات الغاز يزداد كلما ازداد طول سلسلة ذرات الكربون.
وعلى الغازات الحربية أيضاً أن تكون عديمة التأثر بالعوامل الكيميائية المختلفة ، كالقلويات ، والحموض ، والأكاسيد ، إلخ…
2- الثبات عند التخزين : Stability on Storage
وهناك آخر من الثبات يجب توفره عند الغاز الحربي هو أن يكون الغاز عديم التفكك والتضاعف عند التخزين أو الحفظ Storage .
وإن التفكك الذي يحصل عند بعض المواد كبروم الأسيتون Bromo acetone ، حمض سيان الماء Hydrocyanic acid ، إلخ .. تجعلها عديمة الفائدة بعد خزنها مدة من الزمن . والتضاعف Polymerisation يؤدي عادة إلى تكون مواد أقل سمية أو معدومة السمية ، وما يحصل لمركب الأكرولئين Acrolein من تضاعف يؤدي إلى مواد أقل سمية لهو دليل على ما ذكرنا من تأثير التضاعف
3- الثبات عند الانفجار :Stability to Explosion
ومن الشروط التي يجب توفرها في المادة المراد استعمالها في القذائف أن تكون تلك المادة ثابتة تجاه الحرارة والضغط اللذان يتولدان عن انفجار الشحنة المتفجرة . ومن بين المواد التي ورد ذكرها حتى الآن فإن لسيانيد بروم البنزيل Bromo benzyl cyanide حساسية ضعيفة تجاه ارتفاع درجة الحرارة . وإن أكثر المواد الأخرى مثل دي فينيل كلور الزرنيخ Diphenyl chloroarsine ، Chlorofoacetophenone ، إلخ .. تقاوم حتى درجات الحرارة العالية بشكل جيد . بينما البعض الآخر كالكلوروبكرين Chloropicrin ، ثالث كلور ميتيل الكلورو فورمات Trichloromethyl chloroformate ، إلخ …مع أنها تتفكك بالحرارة إلا أنها تعطي بنتيجة هذا التفكك مركبات لها نفس القوة السمية.
وبخصوص المقاومة لضغط الانفجار فإن عدم حساسية الغازات الحربية للضغط المتولد عن انفجار القذيفة شرط أساسي لاستعمالها في القذائف .
4 – أن لا يكون للمواد استعمالها كغازات حربية تأثير على معادن أوعية التخزين والحفظ والقذائف:
إن لهذا الشرط المطلوب توفره في الغاز الحربي أهمية خاصة ، وهو أن لا يكون للغاز أي تأثير على المعدن الذي صنعت منه أوعية التخزين والحفظ والقذائف.
إن لبعض الغازات الحربية تأثيراً قوياً على الحديد الذي تصنع منه أغلب أوعية التخزين والقذائف ومن هذه الغازات التي لها مثل هذا التأثير نذكر: بروم الكسيليل Xylil bromide ، الفورمات الغير كاملة الكلورة Incomletely chlorinated formates ،سيانيد بروم البنزيل Bromobenzyl cyanide ، كما أن هناك بعض الغازات التي لها هذا التأثير ولكنها قليلة العدد .
وللحيلولة دون تأثير الغازات على المعادن يلجأ عادة إلى وسائل خاصة من شأنها أن تمنع من فعل الغاز التخريبي على المعادن ويمكننا تلخيص ذلك بما يلي :
تطلى جوانب الوعاء المعد لحفظ الغاز الحرب بطبقة من مادة لا تأثير للغاز عليها كمادة الك Shellac أو الميناء Enamel أو القصدير Tin إلخ …
يلجأ أيضاً لهذه الغاية إلى استخدام أوعية مساعدة ( ثانوية ) Supplementary containers والتي من شأنها أن تعزل الغاز عن جوانب الوعاء فيستعمل لذلك أوعية من الزجاج أو من الرصاص .


تاريخ المقالة:

مصنفة في:

, ,