المقالات »

الثروات الجيولوجية الاقتصادية في الوطن العربي الضائعة أو المنهوبة أو المهملة – الصومال

الثروات الجيولوجية الاقتصادية في الوطن العربي الضائعة أو المنهوبة أو المهملة :
تاسعاً : الصومال . بلد التنازع والصراع العرقي , والطمع الاستعماري.

* تقديم :
مع ظهور الإسلام تحول تجار وأهالي الصومال تلقائياً إلى الإسلام وذلك من خلال تعاملهم مع أقرانهم من التجار العرب المسلمين . وقد عرفت مقديشو بعد انتشار الإسلام في الصومال باسم “مدينة الإسلام”, فتوحدت أراضيها , وزالت النعرة القبلية والعرقية وأصبحت من أقوى وأغنى دول المنطقة . ودخلها الإستعمار الغربي في نهاية القرن التاسع عشر ؛ فأعاد إليها النعرة القبلية والعرقية , وتحولت إلى أفقر وأضعف دول المنطقة . وقسمها إلى خمسة أجزاء، هي :
1 – أرض الصومال (شمال الصومال) ، واستعمرتها بريطانيا..
2 – صوماليا (جنوب الصومال) ، واستعمرتها إيطاليا..
3 – جيبوتي (جمهورية جيبوتي حاليا) ، واستعمرتها فرنسا .
4 – مناطق هاود وضواحيها؛ التي قامت بريطانيا بإهدائها لدولة إثيوبيا .
5 – مناطق الحدود الشمالية لدولة كينيا، حيث قامت بريطانيا بضمها إلى كينيا .

* مدخل :
كان الصومال يلقب “سويسرا أفريقيا”, لغنى أهله ووفرة موارده ، , وكبر مساحته 637657 كم² . العاصمة مقديشو وهي أكبر مدينة , التعداد السكاني حوالي 11 مليون (2017) . والصومال الأن من أكثر البلاد التي تعاني من الفقر . نالت استقلالها عن بريطانيا وإيطاليا وتم توحيد الأراضي يوليو 1960. المجموعات العرقية فيها : صوماليون 85 % ، بانتو ومجموعات أخرى 15 % . ولكن كيف تحولت الصومال إلى بلد فقير هكذا!.. هذه حكاياتها مع الحروب والتاريخ التي تحتاج إلى مجلدات لا إلى صفحة أو صفحتين .
فالصومال : هي دولة عربية , تقع في منطقة القرن الأفريقي في شرق أفريقيا . يحدها جيبوتي من الشمال الغربي ، وكينيا من الجنوب الغربي ، وخليج عدن من الشمال . والمحيط الهندي من الشرق وأثيوبيا من الغرب . وتملك أطول حدود بحرية في قارة أفريقيا .
ولكن بعد انعقاد مؤتمر برلين عام 1884 ، أرسلت الإمبراطوريات الأوروبية العظمى جيوشها إلى منطقة القرن الإفريقي بغية السيطرة على هذه المنطقة الإستراتيجية والغنية والبكر في العالم . مما دفع السلطان محمد عبد الله حسان ، مؤسس الدولة الدرويشية ، إلى بداية حرب من أطول حروب المقاومة ضد الاستعمار على مدار التاريخ .
وتحولت كل أراضي الدولة إلى مستعمرتين : مستعمرة تابعة للإمبراطورية البريطانية . ومستعمرة تابعة لحكم الفاشي ( إيطاليا ) واستمر هذا الاحتلال إلى أن تم الإسقلال وتوحيد شطري الصومال عام 1960 تحت اسم جمهورية الصومال الديموقراطية . ونظراُ للعلاقة الأخوية والتاريخية مع مختلف أقطار الوطن العربي، تم قبول الصومال عضواً في جامعة الدول العربية عام 1974 . وكونها إحدى الدول الإسلامية كان الصومال واحداً من الأعضاء المؤسسين لمنظمة المؤتمر الإسلامي , وكذلك عضواً في منظمة الأمم المتحدة وحركة عدم الانحياز . استمرت الصراعات القبلية والخلافات بين العشائر الصومالية منذ اللحظات الأولى للوحدة نتيجة للآثار التي تركتها دول الاستعمار في نفوس أبناء الشعب الواحد والفرقة التي عانى منها الشعب الصومالي طوال فترة الاستعمار.

* وفي عام 1977 تمكنت الصومال في حربها مع أثيوبيا ( الشيوعية آن ذاك ) من السيطرة على عدد من المدن الإستراتيجية الهامة في أثيوبيا , مثل مدينة جيجيجا . وحصار مدينة ديرة داوا ومدينة هرار . ولذا قام الاتحاد السوفيتي بتوجيه دعم عسكري, لحكومة إثيوبيا الشيوعية تمثل في 18,000 من الجنود الكوبيين و2,000 من جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية بالإضافة إلى 1,500 من الخبراء العسكريين السوفييت تدعمهم المدرعات والمركبات والطائرات السوفيتية . وفي مواجهة تلك القوة الهائلة أجبر الجيش الصومالي على الانسحاب وطلب المساعدة من جيمي كارتر رئيس الولايات المتحدة . ولكن تراجعت الولايات المتحدة عن مساعدة الصومال . مما زادت حركات المقاومة المسلحة والتي كانت تدعمها إثيوبيا ضد النظام الحاكم مما أدى إلى نشوب الحرب الأهلية الصومالية , التي أدت إلى فوضى عارمة ، ولعل الأسباب الرئيسية التي اندلعت من أجلها الحرب الأهلية في البلاد تتلخص في الحساسية المفرطة بين العشائر وبعضها البعض بالإضافة إلى التكالب على السيطرة على الموارد الطبيعية والمناطق الرعوية الغنية . وقد أدت الحرب الأهلية الصومالية إلى حدوث مجاعة أودت بحياة قرابة 300,000 صومالي مما دفع مجلس الأمن لاستصدار قرار بوقف إطلاق النار عام 1992 وإرسال قوات حفظ السلام الدولية للصومال لإنقاذ الوضع الإنساني للبلاد . وكان استخدام القوة بالنسبة لقوات حفظ السلام مقصورا فقط على الدفاع عن النفس مما أعطى العشائر المتحاربة الفرصة لإهمال تواجدها واستكمال صراعهم المسلح.

* ثروات الصومال :
أولا – الثروة الزراعية والحيوانية والصيد البحري : حيث يعمل 71٪ من سكان الصومال في مجال الزراعة , وتتركز الزراعة المستديمة في جنوب الصومال في وديان وجوبا شابيلي .
1 – الماشية خاصة الإبل ( 2.5 مليون رأس) والإغنام ( 5 مليون رأس ) , والماعز ( 2 مليون رأس ) , والأبقار ( 1 مليون رأس ) .
2 – الأسماك ( تملك الصومال نطاقا ساحليا طوله نحو 1950 ميل على خليج عدن والمحيط الهندي غنياً بالثروة السمكية ) , واللؤلؤ كما في منطقة حافون .
3 – استخراج الملح من الملاحات الطبيعية التي تقع بين زيلع وبربره ، وحافون ,
4 – الموز ( الذي يزرع الموز على جانبي نهر جوبا ونهر شبيلي ، ويقوم بإنتاج وتسويق وتصدير الموز ويصدر عن طريق ميناء مركة . وميناء كسمايو ) . والذرة الرفيعة والذرة الشامية والفواكه في منطقة دعيب وداماس
5 – وتكثر أشجار الصمغ واللبان ( المستكة والمر) في الإقليم الشمالي .
6 – زراعة البن في هرجيسه , والطباق في Manya Asseh .
7 – ونخيل البلح خاصة في المناطق الساحلية .
8 – الفول السوداني من المحاصيل الهامة سواء في استغلاله كطعام مباشرة أو استخراج الزيت الذي له سوق محلي كبير بالإضافة إلى أسواقه الدائمة في عدن وكينيا وزنجبار .
9 – القطن في مناطق ( جينالي وجوهر وكسمايو وبرديرا وبيدوا )
10 – السمسم : بنوعية الأحمر والأبيض الذي يصدر جزء كبير منه إلى عدن , لإستخراج زيته الذي يسمى بيت الجلجل .
11 – قصب السكر: يزرع على مساحة قدرها 24 ألف هكتار من الأراضي الخصبة في منطقة جوهر . ويقع مصنع السكر كذلك في مدينة جوهر على مسافة 90 كيلو متر شمال مقدشوه ، وطاقته الإنتاجية 500 طن يوميا من القصب ينتج 50 طن سكر . ويستغل الباجاس كوقود للغلايات في نفس المصنع , وللمصنع محطة توليد كهرباء خاصة : لاستهلاكه مع تغذية المناطق المجاورة . وللمصنع عدد من المساكن مخصصة للعمال والموظفين . ومن الملاحظ أن الإنتاج لا يكفي الأسواق المحلية لذلك تغطى بقية حاجة البلد من السكر المستورد من الخارج . من دائرة الكومنولت .

ثانياً – الثروة المعدنية :
يكتنف الثورة المعدنية الغموض في كل مراحلها ونتائجها مما يدعم الرأي القائل بأن السياسة الغربية تحول دون استغلال الثورة المعدنية في الصومال ، على الأقل في الوقت الحاضر . حيث من المؤكد تواجد طبقات تشتمل على القصدير والرصاص في مجرتنيا, وفي وادي جوبا يوجد الهيماتيت فلز الحديد ، وإحتمال لوجود الذهب والفضة في منطقتين قرب مركة . وفي عدال Adal تتوفر خامات الألمونيوم على عمق ما بين 160/170 متر .

ثالثاً – البترول وشركات التنقيب
* كانت أكثر الأبحاث والدراسات تتجه نحو البترول أكثر من البحث عن المعادن ، أو أنهما متلازمان في بعض الأحيان . وقد قدمت السلطات الصومالية كل التسهيلات للشركات المنقبة ، هادفة بذلك إلى استغلال رأس المال الأجنبي من ناحية والعمل على إنعاش البلاد اقتصاديا باستغلال مصادر الثروة في البلاد . حيث قامت شركة ستاندر فاكوم أوبل بحفر عدد من الآبار للبحث عن البترول في الإقليم الشمالي في منطقة Dugahs habel ، وفي منطقة Diga Deder . وفي منطقة هشر فبراير وفي منطقة Las Dusrh . وامتد نطاق البحث عن البترول إلى النطاق الساحلي لبربره وزيلع . وتترددت العبارة التالية على طول امتداد الإقليم الشمالي وهي أن البترول موجود .. ولكن على أعماق تحول دون استغلاله .
* أما في الإقليم الجنوبي فقد بدأ البحث عن البترول عام 1952 حينما نالث شركة سنكلير الأمريكية حق امتياز التنقيب عن البترول بمنطقة غربولي . وأن النتائج لم تظهر بعد للاستغلال الفعلي وحدث أن ظهرت إشاعات قوية تشير إلى أن السياسة الأمريكية وراء شركة سنكلير ، وأنه من غير المأمول أن تذاع أخبار سارة عن وجود البترول ،
كما أظهرت الشركات الأمريكية اهتماما واضحا بالثروة المعدنية في الصومال وخاصة استخراج النفط حيث أكدت الدراسات على وجود احتياطيات نفطية في مقاطعة أرض البنط تقدر بخمسة إلى عشرة مليارات برميل من النفط الخام .


تاريخ المقالة:

مصنفة في:

,