المقالات »

الاستفادة من قمامة المدن

مقدمة :
كلما ازدادت حضارة ومدنية الإنسان ، كلما ازدادت مشكلة تلوث البيئة بما تطرحه هذه المدنية والحضارة من ملوثات مختلفة من المصانع والمنازل والبيوت .
وكلما ازدادت مشكلة التلوث هذه كلما سعى الإنسان كذلك لمنعها أو للحد منها على الأقل ، مستفيداً ومسخراً التقنيات والتكنولوجيا الحديثة التي تقدمها هذه الحضارة لحل هذه المشكلة .
وفي العديد من الدول التي تفرض قيوداً شديدة للحفاظ على نظافة البيئة وعدم تلوثها كسويسرا والدانمارك وغيرهما وحيث الأرض محدودة ، أصبح أمر تحويل فضلات ومخلفات وقمامة المدن إلى طاقة أمراً ميسوراً على مستوى تجاري واقتصادي وذلك عن طريق حرق هذه الفضلات في مراجل بخارية ذات ضغط عال مصممة لهذه الغاية ولكمية لا تقل عن 400.000 طن / عام ، والاستفادة من هذا الضغط العالي لتدوير العنفات وإنتاج الطاقة الكهربائية ، ثم الاستفادة من البخار الخارج والمنطلق من العنفات وذو الضغط المنخفض بعد ذلك لأعمال التدفئة والتسخين وتقديم الماء الساخن اللازم للبيوت والمصانع المجاورة لمصنع حرق القمامة هذا
ومن المعلوم أن مخلفات المدن والمصانع الكبيرة تقسم إلى قسمين :
أولاً : المخلفات السائلة : وهي الناتجة عن الحمامات والمطابخ وأعمال الغسيل والشطف والنظافة العامة ، وهذه تذهب إلى خارج المدينة بواسطة المجاري الخاصة حيث محطة المعالجة لها ، والتي تتضمن الخطوات التالية :
تضخ هذه المياه الحمأة إلى صهاريج ضخمة من الاسمنت المسلح ، وتترك فيها لعدة أيام مع إضافة خمائر مساعدة على التحلل والتخمر اللاهوائي ، وتنطلق كمية لا بأس بها من الغازات نتيجة التخمر والتي من أهمها غازي الميتان والأمونيا . تمرر هذه الغازات على أبراج امتصاص بحمض الكبريت لامتصاص الأمونيا وإنتاج سلفات الأمونيوم التي تستعمل كسماد نتروجيني وسلفاتي ، ويبقى غاز الميتان الذي يستفاد منه لتوليد الطاقة اللازمة لتشغيل محطة المعالجة هذه .
أما الحمأة المتخمرة فترشح في المرشحات الدوارة تحت الفراغ لفصل أكبر كمية ممكنة من الماء عنها .
وماء الرشيح يضاف إليه الكلور للتعقيم ويطرح بعد ذلك في النهر أو البحر أو يستعمل للري في المزارع القريبة للاستفادة منه للسقاية من جهة وللاستفادة من الأملاح المعدنية الذوابة فيه كسماد .
أما الكتلة العجينية القوام الناتجة عن المرشحات فإنها تجفف ثم تطحن وتعبأ للبيع بثمن مرتفع كسماد عضوي للمزارع والبيوت الزراعية المحمية ( الزجاجية أو البلاستيكية ) ويسمى هذا المسحوق : بسماد البودريت .
ثانياً : المخلفات الصلبة :
وقد سنت الدول المتقدمة كما في مدينة هلسنبورغ التي أعيش فيها بالسويد وغيرها من المدن الأوربية قوانين صارمة فرضت بموجبها على أصحاب المنازل والمصانع تصنيف القمامة التي يطرحونها إلى أربعة أو خمسة أصناف .
وجعلت هناك مكان معين ومحفوظ عن العبث لكل مجموعة منازل أو مصانع لرمي هذه القمامة فيه وكل صنف منها في براميل أو أماكن تجمع خاصة بها وهذه الأصناف هي :
1- قمامة الأوراق والصحف والمجلات والكرتون .
2- القمامة الزجاجية .
3- القمامة المعدنية .
4- المخلفات البلاستيكية .
5- بقية القمامة ومخلفات المدينة والمصانع .
الأنواع الثلاثة الأولى يجمع كل صنف منها من كافة مراكز تجميع القمامة في المدينة على حدة حيث يعاد تصنيفها وفرزها وإعادة تصنيعها لتستعمل من جديد .
أما الصنف الرابع وهو القمامة البلاستيكية ، وهو موضوع حديثنا فتحرق لوحدها ، إذا كانت كميتها كبيرة من جهة . وإذا كانت هناك من محطة للاستفادة من الصنف الخامس بتخميره وتحلله والاستفادة منه بعد ذلك كسماد عضوي طبيعي .
أو يحرق الصنفان الرابع والخامس معاً إذا كانت كمية كل واحد منهما منفصلاً قليلة وغير كافية .. أو لم تكن هناك من محطة ورغبة للاستفادة من الصنف الخامس كسماد عضوي طبيعي .
وقد وجد أن المعدل المتوسط للطاقة الناتجة من حرق نفايات وقمامة المدن هي : 9 جيجاجول أي ما يعادل 2.15 جيجا كالوري / 1 طن نفايات صلبة . وإذا حولت هذه الطاقة الحرارية وبمردود 20 % إلى طاقة كهربائية فإنها تقابل 500 كيلو واط ساعي . علماً بأن الطن الواحد من الفحم إذا احترق فإنه يعطي 28 جيجا جول أي ما يعادل 6.7 جيجا كالوري / 1 طن فحم .
وتقدر كمية النفايات الصلبة في أوربا بحدود 120 مليون طن / عام . فإذا أمكن حرق ثلث الكمية أي 40 مليون طن / عام والاستفادة من تحويل طاقتها إلى طاقة كهربائية معنى ذلك توفير ما مقداره 13 مليون طن من الفحم والحصول على طاقة كهربائية مقدارها :
500 × 40 × 10 6 = 2 × 910 كيلو واط ساعي . .
ونظراً للمحتوى الحراري العالي للمخلفات البلاستيكية فإن حرقها مع المخلفات والنفايات الصلبة الأخرى القابلة للحرق يساعد على حرق بقية المكونات والتي طاقتها الحرارية أقل من البلاستيك من جهة ، ولاحتوائها على رطوبة من جهة أخرى .
والبلاستيك كما هو معروف فإنه مشتق من البترول ، ويقدر ما نسبته 4 % من البترول العالمي يحول إلى بلاستيك ، و86% من البترول العالمي يستعمل كطاقة . لذا فعند إعادة حرق البلاستيك نعيد هذه الطاقة الكامنة فيه ونوفر 4% من مجمل البترول العالمي .
حيث تجمع القمامة عادة بشكل دكمة في العراء وتنقل آلياً إلى فرن الحرق لتوليد البخار بضغط لا يقل عن 28 كغ / سم3 مع المراقبة الآلية لدرجة حرارة الفرن أن لا تقل عن 850 درجة مئوية ، بغية تحويل جميع الكربون إلى غاز ثاني أوكسيد الكربون من جهة ، ولتقليل نسبة الديوكسان إلى أقل كمية ممكنة .
مع وجود أجهزة حماية كافية لالتقاط الرماد المتطاير مع غازات الاحتراق إما عن طريق الترسيب الالكتروستيكي أو الترشيح .
وكذلك غسل الغاز الحمضي الناتج عن الحرق لمنع تلوث الهواء الجوي به من جهة ، وللاستفادة منه كجهة ثانية .
أما مخلفات الحرق فإنه يتم فصل المعادن والمواد الأخرى التي لم تحترق عن الرماد للاستفادة من كل منها منفصلة .

خاتمة وملخص البحث :
نظراً لازدياد كمية المخلفات الصلبة في قمامة المدن ، وخاصة الصعبة التحلل البيولوجي منها مثل إطارات السيارات والقوارير والأكياس البلاستيكية وغيرها الكثير من المخلفات البلاستيكية والتي تكون ملوثة وممزوجة مع المخلفات الأخرى للمدن أو التي لا يمكن الاستفادة منها .
هذه المخلفات الصلبة يمكن حرقها والاستفادة :
1- من الحرارة المنبعثة من الاحتراق لتوليد البخار والكهرباء .
2- ومن الرماد كسماد ، أو كمادة أولية لصناعات كيمائية متعددة .
3- ومن غازات الاحتراق لإنتاج أملاح الحموض غير العضوية :
النترات ، والكلوريدات ، والسلفات ، والكربونات
4- ومن الزجاج والمعادن المتخلفة إعادة تصنيعها .


تاريخ المقالة:

مصنفة في:

, ,