المقالات »

أنواع النكاح عند العرب قبل الإسلام

أنواع النكاح عند العرب قبل الإسلام

لقد أخذ النكاح قبل الإسلام أشكالاً وعلى منوال ابتذال المرأة عند بعض العرب قبل الإسلام تعددت أنكحتهم بين نكاح بغي ومقت واستبضاع وبدل ومتعة ونكاح البعولة ، الذي ينشأ بالخطبة والمهر والعقد وقد أقره الإسلام ودعاه بـ ( الزواج الشرعي ) . وهو الذي منه النسل الصحيح للأنساب وألغى الإسلام ما عداه من انكحة العرب قبل الإسلام : ( وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ) الأنعام سورة 6 آية 151 .
و أن النكاح عند العرب كان على أربعة أنواع هي :
1. نكاح الناس اليوم ( نكاح البعولة )
” يخطب الرجل الى الرجل وليته أو ابنته فيصدقها ثم ينكحها ” . و هذا الزواج مألوفاً بين العرب ، وهو زواج الناس هذا اليوم . القائم على الخطبة والمهر ، وعلى الإيجاب والقبول . وعندما ظهر الإسلام أقر هذا النوع من النكاح الشرعي بالشروط التي عينها الإسلام

2. نكاح الاستبضاع
الاستبضاع : هو طلب المباضعة ، وهو المجامعة ، مشتقة من البضع وهو الفرج” كان الرجل يقول لامرأته إذا طهرت من الحيض أرسلى الى فلان فاستبضعي منه فإذا تبين حملها أصابها زوجها إذا أحب وانما يفعل ذلك رغبة في نجابة الولد فكان هذا النكاح نكاح الاستبضاع ” وهو في الأصل نوعاً من زواج المشاركة .

3. نكاح الرهط :
وكان هذا النوع من الزواج محدوداً إلى حد كبير وهو من بقايا نظام الزواج القديم وبموجبه ” يجتمع الرهط ما دون العشرة فيدخلون على المرأة كلهم يصيبها فإذا حملت ووضعت ومَرَّ ليال بعد أن تضع حملها أرسلت إليهم فلم يستطع رجل منهم ان يمتنع حتى يجتمعوا عندها تقول لهم قد عرفتم الذي كان من أمركم وقد ولدت فهو ابنك يا فلان تسمى من أحبت باسمه فيلحق به ولدها لا يستطيع ان يمتنع به الرجل ” .

4. نكاح البغاء
ويقوم هذا النوع من النكاح على أساس ” الدخول الى المرأة حيث لا تمتنع ممن جاءها وهن البغايا كن ينصبن على أبوابهن رايات تكون علماً ممن أرادهن دخل عليهن فإذا حملت إحداهن ، الحقوا ولدها بالذي يرون مشابه لابيه به ودعى أبنه لا يمتنع من ذلك ” . لقد كان البغاء قبل الإسلام منتشراً و هو عندهم على قسمين :
القسم الأول : سري خاص
هو أن يكون للمرأة صديق ، يتصل بها سراً فلا تبذل نفسها لكل أحد بنكاح الخدن ، فان أعلن ذلك اصبح بغاءاً .
وقيل : انه ضربان : السفاح وهو الزنا على سبيل الإعلان ، واتخاذ الخدن وهو الزنا في السر ، والله تعالى حرمها في الآيتين وأباح التمتع بالمرأة على جهة الإحصان وهو التزوج

نكاح المضامدة :
وهناك نوع آخر من النكاح قد يكون قريباً من نكاح الخدن وهو نكاح المضامدة ، وفي هذا النوع من النكاح تخال المرأة ذات الزوج رجلاً غير زوجها أو رجلين ، وكانت تلجا إليها الجماعات الفقيرة زمن القحط ، إذ يضطرها الجوع الى دفع نسائها لمضامدة رجل غني ، تحبس المرأة نفسها عليه حتى إذا غنيت بالمال والطعام عادت الى زوجها ، وفي ذلك قال شاعر عربي قبل الإسلام :
لا يخلص الدهر ، خليل عشرا = ذات الضماد أو يزور القبرا
إني رايت الضمد شيئا نكرا

وفي هذا الشعر يستنكر الشاعر الضّمد ويفسر الجوع بوصفه الدافع إليه ، ويقول بأن الرجل في سنة القحط لا يدوم على امرأته . حيث يضطره الجوع الى دفعها للمضامدة لأنه إذا لم يفعل ذلك فسيموت جوعا .
وكان الرجل إذا ضامد امرأة ، يأبى أن تضامد معه غيره ، فقد روى ان أبا ذؤيب الهذلي ( كان يضامد امرأة قبل الإسلام ، وقد أرادت ان تشرك معه رجلاً يدعى خالدا ، فأبي عليها ذلك وقال :
تريدين كيما تضمديني وخالدا = وهل يجمع السيفان ويحك في غمد ؟

وكان هذا النوع من المضامدة محدوداً وقد حرمه الإسلام وذلك في قوله تعالى ( وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ) . والمقصود بالتحريم النساء الحرائر المحصنات المتزوجات إذ لا يجوز أن يجتمع رجلان على امرأة واحدة لان ذلك فيه أبطال لأسلوب الزواج القائم على أساس تكوين الأسرة ، إلا إذ ملكتموهن بنكاح جديد بعد وقوع البينونة بينهن وبين أزواجهن , والمقصود من هذا الكلام الزجر عن الزنا والمنع من وطئهن الا بنكاح جديد او بملك يمين أن كانت المرأة مملوكة وعبر عن ذلك بملك اليمين لان ملك اليمين حاصل في النكاح وفي الملك .

القسم الثاني : علني عام :
وهو المسمى بالسفاح ، هو عبارة عن إقامة امرأة مع رجل على الفجور من غير تزويج صحيح ، وهو البغاء وكانت البغايا من الإماء ينصبن الرايات الحمر لتعرف منازلهن ، وتسمى المواخير.
وقد أشار الطبري إلى أسماء عدد منهن مثل : ( أم مهزول ) جارية السائب بن أبي السائب المخزومي ،
والزنا أحد انكحة العرب قبل الإسلام الذي لا يتم بالعقد والصداق ، وكان العرب قبل الإسلام يحرمونه كما مر بنا سابقاً .
وقد بدأ تحريم الزنا في الفترة المكية وذلك من خلال الآيات الآتية:
1. قوله تعالى 🙁 وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ) ، وكان زمن نزول هذه الآية في حدود سنة اثنتي عشرة للبعثة .

أولا : نكاح المقت
وهو زواج الابن امرأة أبيه إذا طلقها أو مات عنها ، فقد كان العرب قبل الإسلام يتزوجون امرأة الأب برضاها أو بدونه .
قال تعالى : ( ياأيُّها الَّذينَ ءَامَنُوا لايَحِلُّ لَكُمْ أنْ تَرِثُوا النِسَاءَ كَرْهاً ) ، واستمر الحال حتى نزلت الآية الكريمة ( وَلَا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا ) ،
“وقد نزلت هذه الآية في ابي قيس بن الاسلت الذي خلف على أم عبيد بنت ضمرة كانت تحت الاسلت أبيه ’ وفي الأسود بن خلف وكان خلف على بنت ابي طلحة بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار وكانت عند أبيه خلف ’ وفي فاختة بنت الأسود بن المطلب بن الأسود وكانت عند امية بن خلف فخلف عليها صفوان بن امية . وفي منظور بن رباب وكان خلف على ملكية ابنة خارجة وكانت عند أبيه رباب بن سيار” فصار نكاح المقت حراماً في الأحوال كلها .

ثانيا : عضل النساء
ومما يتصل بالنكاح ومنه المقت تعضيل المرأة ، وهو أن ينكح الرجل المرأة الشريفة فلعلها لا توافقه فيفارقها على ان لا تتزوج الا بأذنه ، فيأتي بالشهود فيكتب ذلك عليها ويشهد فأن أعطته وأرضته أذن لها بالزواج وآلا عضلها . والعضل هو الحبس والمنع ، وعضل فلان زوجته أي منعها .

ثالثا : نكاح البدل
وهو قول الرجل للرجل : أنزل عن امرأتك ، وأنزل لك عن امرأتي وأزيدك ، فهو زواج بطريق المبادلة بغير مهر .وقد حرم الإسلام هذا النوع من النكاح

رابعا : نكاح الشغار
وهو أن يزوج الرجل أبنته على أن يزوجه الآخر ابنته وليس بينهما صداق ، فيقول أحدهما للآخر : زوجني ابنتك وأزوجك ابنتي أو زوجني أختك وأزوجك أختي . وتكون كل واحدة منهن مهراً للأخرى ، ويطلق على هذا الزواج بالشغار لقبحه تشبيهاً برفع الكلب رجله ليبول في القبح ، يقال شغر الكلب إذا رفع رجله ليبول ، ومعنى ذلك أن كل واحد منهما رفع رجله للآخر عمَّا يريد .

خامسا : نكاح المتعة
وهو النكاح الى اجل مسمى ، إذ يتم باتفاق رجل مع امرأة على أن تقيم معه مدة ما ، معينة او غير معينة ، في مقابلة مال معلوم .
وأن من أهم الشروط التي ميزت نكاح المتعة عن نكاح الدوام ، الأجر المسمى ، والأجل المسمى ، على أنه لا ميراث فيه ولا نفقة ولا سكنى ولا طلاق ولا لعان ولا يحصل فيها تحصين .. إلى غير ذلك .

وكان هذا النوع من الزواج معروفاً عند العرب قبل الإسلام ، وإليه يشير عمر بن قعاس المرادى بقوله :
ألا رجلاً جزاه الله خيراً = يدل على محصلةٍ تبيت
ترجل لمتى وتقم بيتي = وأعطيها إلا تاوة إن رضيت

ولعل من دوافع هذا النوع من الزواج التنقل والأسفار والحروب ، إذ يضطر المرء الى الاقتران بامرأة لأجل معين على صداق ، فإذا أنتهي الأجل ، أنفسخ العقد ، وعلى المرأة ان تعتد كما في أنواع الزواج الأخرى قبل أن يسمح لها بالاقتران بزوج آخر ، فهو كزواج البعولة ، سوى الاتفاق على أجل معين يحد د مدة الزواج .

سادسا : الجمع بين الأختين
كان العرب قبل الإسلام يجمعون بين الأختين ، وأن أول من جمع بين الأختين من قريش سعيد بن العاص بن أمية ، جمع بين صفة وهند بنتي المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم .
ولقد ألغى الإسلام هذا النكاح وعده نكاحاً محرماً إلاَّ ما قد سلف ومن كانت تحته امرأتان أختان قبل إسلامه واسلم فيمسك إحداهما ويطلق الأخرى لا محالة ,

سابعا : نكاح الشراء
كان زواج الشراء اكثر أنواع الزواج انتشاراً بين العرب قبل الإسلام فكان بعض العرب ينظر من خلال هذا النوع الى الزواج على انه عملية شراء للبنت وكان ينظر للفتاة على إنها سلعة تزيد من ثروة والدها ؛ لذلك كان العرب قبل الإسلام تقول للرجل إذا ولدت له بنت : هنيئاً لك النافجة أي المعظمة لمالك ، وقولهم كذلك ساق إلى المرأة صداقها ذلك حينما كانوا يدفعون في الصداق ابلا وتلك الإبل يقال لها النافجة وفي ذلك قال شاعرهم :
وليس تلادي من ولاثة والدي = ولا شاد مالي مستفاد النوافج

وكان عدد من أفراد القبائل يأخذون من مهر بناتهم لأنفسهم وهو ما يسمي بالحلوان ،

ثامنا : نكاح الأسر
وهو أن يستولى رجل بالقوة على امرأة عن طريق الغزو أو الحرب ليتزوجها.
وكان هذا النكاح شائعاً في العصور القديمة عند كثير من الأقوام ومنهم أقوام شبه الجزيرة العربية القدماء كالبابليين والآشوريين والعبرانيين وغيرهم .

وكان العرب قبل الإسلام إذا ما انتصروا على خصومهم نهبوا أموالهم واسروا رجالهم وسبوا نساءهم ، فكانوا يتخذون من الرجال عبيداً ومن النساء سراري وإماء . وكانوا يقتسمون النساء بالسهام ، وفي ذلك يقول الفرزدق في نساء سبين وجرت عليهم القسمة بالسهام :
خرجن حريرات(**) وابدين مجلداً = ودارت عليهن المقرمة الصفر

فمن وقعت في سهمه امرأة أخذها وحل له الاستمتاع بها ، لأنه ملكها بالسبي .
وكان العرب قبل الإسلام يحبذون زواج الأسر لكراهيتهم للزواج من ذوى القربي خشية ان ينتجوا نسلاً ضعيفاً .

وقد أقر الإسلام السبي في الحرب وسبى المسلمون نساءً عدة وذكر أبن سلام ، أن الرسول (e) ” رد سته آلاف من سبي هوازن من النساء والصبيان ” . وفي حديثه مع وفد هوازن الذي قدم إليه خيرهم بين خيارين أما السبى وأما المال فاختاروا السبي ، وقال الرسول (e) : ” أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم وقد رضوا بذلك ورد السبايا من النساء والذرية إليهم” .

تاسعا : زواج المحارم
لقد كان زواج المحارم معمولاً به عند العرب قبل الإسلام . فقد حرم العرب آنذاك على أنفسهم أنواعاً من زيجات الأقارب ، فكانوا لا ينكحون الأمهات والبنات والأخوات والعمات والخالات وغيرهم ، وذكر ابن عباس (t) : ” أنهم كانوا يحرمون ما يحرم إلاَّ امرأة الأب والجمع بين الأختين ”
.
أولا : المحرمات بسبب النسب
ويبدو أن الغاية من تحريم الزواج بالمحرمات وهن كما تقدم ” الأمهات ، البنات ، الأخوات ، العمات ، الخالات ، بنات الأخ ، بنات الأخت ” يكمن في ان الزواج وسيلة مشروعة لامتاع النفس وإنجاب الذرية وتكوين الأسرة ، فإذا أبيح تزوج الإنسان من أقرب الناس إليه كالأم والبنت ، اصطدمت حقوق هؤلاء الأقارب بحقوق الزوجية ، فالأم مثلا لها حق الطاعة والاحترام فلو اتخذها الإنسان زوجة لكان له عليها حق القوامة وحق الطاعة والخضوع. هذا الى ما هو غنى عن البيان من نفور الإنسان من هذا اللون من المتاع ، ومثل هذا ، يقال في درجات القرابة الأخرى . فالخالة لها ما للأم ، والعمة لها ما للأب . والأخت وبنتها وبنت الأخ ، كل هؤلاء تستقبح الأذواق نكاحهن وافتراشهن ، ولا يمكن ان يتصور في هذا الوضع لو أبيح إلا المفارقات والصعاب ، وضعف النسل وسوء المنقلب .

ثانيا : المحرمات من الرضاع
أن المحرمات من الرضاع نظير المحرمات من النسب والمصاهرة ، وقد أجري الله تعالى الرضاع مجرى النسب ,

ثالثا : المحرمات من المصاهرة وهن :
1.أصول الزوجة كالأم ، وذلك في قوله تعالى : )وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ ( ، فأنها تحرم بمجرد العقد على بنتها سواء دخل بها أم لم يدخل بها ،

2 فروع الزوجة كالبنت
فالربيبة بنت امرأة الرجل من غيره ، سميت بذلك لأنه يربيها في حجره ، ويحرم على الرجل بنات امرأته وبنات أولادها بعد الدخول بالزوجة فأن لم يدخل بها الزوج فلا جناح عليه من نكاح بناتهن ، وذلك في قوله تعالى : ( فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ ).

3. زوجات الأبناء ، وذلك في قوله : ( وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ ) .
فالحلائل جمع حليلة ،

رابعا : المحرمات المؤقتة
وهو التحريم المؤقت والطارئ في حالات خاصة قابلة للزوال .
فمن النساء ما يكون سبب تحريم الزواج منهن سبباً قابلاً للزوال ، ويظل التحريم قائماً ما بقى هذا السبب قائماً كزوجة الآخر ، والمشركة ، وزواج غير المسلم فإن هذه الأمور قابلة للزوال ، فإذا زالت زال التحريم ، كما لو فارقت المتزوجة زوجها بموت أو طلاق وأمضت عدتها ، أو اعتنقت المشركة دينا سماوياً ، أو أسلم من لم يكن مسلماً ، فيزول التحريم بزوال المانع وفقاً للقاعدة الشرعية التي تقول : ( إذا زال المانع عاد الممنوع )


تاريخ المقالة:

مصنفة في:

,