المقالات »

صور من زكرياتي

صورة لي وأنا أقوم بتجميع جهاز التحكم في الطوربيد عام 1958 وكنت قد نشرت قصته على موقعي في الفيسبوك , وأعود نشر القصة ثانية .
كنت طالباً في الصف الحادي عشر الثانوي أثناء العدوان الثلاثي على مصر ( حرب بور سعيد ) عام 1956 م …. عندما ركب الضابط السوري جول جمال زورقا محملا بالمتفجرات متجها إلى البارجة الفرنسية لبرتي ( الحرية ) — وكان وقتها في دورة تدريبية في البحرية المصرية في الاسكندرية — وفجر نفسه وأغرق البارجة . فقلت في نفسي رحم الله جول جمال الذي فجر نفسه , أليس في إمكاننا صنع قارب مسير باللاسلكي محملا بالمتفجرات ( طوربيد ) نوجهه عن بعد من دون أن تزهق روح إنسان
فصممت قاربا مسيرا باللاسلكي تتحكم فيه موجات لاسلكية ثلاث , احداها لتشغيل المحرك أو إيقافه . والاثنتان لتوجيه دفته لليمين أو اليسار , ودفعني الحماس لصنعه , ولكن أين المال اللازم ؟ , فعملت خلال العطلة الصيفية ببيع الجبس لأجني ذلك المال , إضافة إلى مصروفي اليومي من والدي رحمه الله . وعندما الأمر أقترب من التنفيذ طلبت من فرع المكتب الثاني للجيش في حمص لتجربته في بحيرة حمص . ولم يكن للجيش السوري وقتها أي فرع أمني آخر .
ولما قابلت الضابط المسؤول رئيس الفرع وهو برتبة ملازم أول , قال لي : من وراك ولا ؟ ( أي من وراءك ) . وانا على براءتي , إلتفت خلفي فلم أجد أحد , فقلت له ما من ورائي أحد . فقال لي اتهزأ بي , من وراءك في صنع هذا الجهاز واستعمال هذه الموجات اللاسلكية التي في الظاهر والعلن تقصدون بها خير البلد وفائدته , ولكنكم في الخفاء والسر تقصدون من ورائها الاتصال بإسرائيل .
قلت له ليس من ورائي أحد كما تقصد , وانا عندك الآن لا أخرج , قدم لي ما أريد من صمامات ومكثفات ومقاومات وأسلاك أصنعه أمامك وأنا محجوز هنا عندك , ولم أقل له إنني قد صنعته وهو موجود لدي الان . لأنني لو قلت له ذلك لكانت الطامة الكبرى .
فصفعني كفين ورفسني برجله خارج الغرفة وقال لي : انقلع من هون ( أي أخرج من هنا ) فليس لدي وقت لسماع هذه الخزعبلات واللقاء بولد مجنون أو مهوس مثلك ,
فخرجت من عنده ضاحكا باكيا قائلا : ياأمة ضحكت من جهلها الأمم . ولاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
وللتاريخ لا تزال بعض صمامات هذا الجهاز عندي وبحوزتي حتى الآن وقد دفعت ثمنها من بيعي الجبس في شارع الحميدية مقابل دكان والدي وعمي آن ذاك رحمهما الله .


تاريخ المقالة:

مصنفة في:

,